الرسائل الذى كان يعد من أخطر دواوين الدولة العباسية، وكان
صاحب هذا المنصب يقوم بكتابة الرسائل السياسية وختمها بخاتم
الخلافة بعد عرضها على الخليفة، وكان ينوب عن الخليفة أحيانًا فى
مكاتبة الملوك والأمراء، على أن من أهم التطورات التى شهدها هذا
المنصب فى العصر العباسى الثانى أنه لم يعد مقصورًا على الخلفاء
بل بدأ الأمراء والسلاطين يتخذون لأنفسهم كتابًا أوسع نفوذًا من
كاتب الخليفة.
وقد كان ذلك نتيجة طبيعية لضعف منصب الخلافة فى هذا العصر.
ومع أن العصر العباسى الأول عرف نظام الحجابة فقد تطور هذا
النظام كثيرًا فى العصر العباسى الثانى، فقد كان الحاجب فى
العصر العباسى الأول يقوم بمهمة أساسية هى حجب العامة عن
السلطان، فلا يأذن بالدخول على السلطان إلا لمن يرى أنه يستحق
هذا الإذن، أما الحاجب فى العصر الثانى فقد تجاوز هذه المهمة
المحددة وادَّعى لنفسه سلطات واسعة أصبح ينافس بها سلطات
الوزير، وأصبح الحجاب يتدخلون فى أهم شئون الدولة، وقد فتح
ذلك مجالاً للصراع بين الحجاب والخلفاء والوزراء.
أما منصب الإمارة على البلدان - وهو من المناصب المهمة فى النظام
الإدارى - فقد طرأ عليه أيضًا كثير من التطور فى العصر العباسى
الثانى، فقد كان هذا المنصب منذ ظهور الإسلام وحتى نهاية العصر
العباسى الأول يخضع فى العادة لسلطة الخليفة؛ فهو الذى يملك حق
الولاية والعزل، أما فى العصر العباسى الثانى فقد اختلفت الأمور
تمامًا، ذلك أن الخليفة أصبح يخضع لسلطة عليا من القوى الدخيلة،
وهى التى تملك غالبًا حق توليته وعزله، وهكذا تدخلت هذه السلطات
أيضًا فى تعيين الأمراء (أو العمال) فى الأقاليم التى تخضع لنفوذهم
وكان هذا التطور متمشيًا تمامًا مع ما آل إليه منصب الخلافة من
تدهور فى ذلك العصر.
وقد اتسع نظام البريد فى العصر العباسى الثانى اتساعًا كبيرًا، فقد
كانت مهمة البريد فى بداية نشأته توصيل رسائل الخليفة إلى عماله