الورق التى انتشرت فى مصر والشام وسمرقند، ولكن شهرة سمرقند
فى هذا الجانب فاقت غيرها فى ذلك العصر، وازدهرت صناعة الحديد
أيضًا فى بلاد فارس.
وقد ترتب على الازدهار الزراعى والصناعى الازدهار التجارى،
فالمنتجات المختلفة تحتاج إلى تسويق، ومن هنا ظهر الاهتمام
بتوفير الطرق التجارية المناسبة والعناية بالموانى والأساطيل
التجارية، وقد ازدهرت تجارة المسلمين الخارجية فى ذلك العصر مع
الهند والصين والبلاد الأوربية.
والجدير بالملاحظة هنا أن الإسلام انتشر فى بقاع عديدة عن طريق
التجار المسلمين، وكانت بغداد ودمشق والإسكندرية وعدن والبصرة
من بين المراكز التجارية المهمة فى ذلك العصر.
وقد اشتهر عدد من دول العصر العباسى الثانى بالقوة الاقتصادية،
ومن بين هذه الدول - على سبيل المثال - الدولة الصفارية التى يقال:
إن مؤسسها «يعقوب بن الليث» ترك فى بيت المال عند وفاته ثمانين
مليون دينار وخمسين مليون درهم، كما ازدهر أيضًا اقتصاد الدولة
السامانية، وهى التى قامت فى منطقة تتمتع بإمكانات اقتصادية
هائلة، وهى بلاد ما وراء النهر، وكذلك ازدهر اقتصاد الدولة
البويهية، أما اقتصاد الدولة الغزنوية فقد وصل مدى رائعًا من القوة
نتيجة اتساع أطراف تلك الدولة، وما استطاعت أن تحققه من فتوحات
رائعة فى بلاد الهند والسند وأفغانستان وغيرها.
وكان النشاط العمرانى الواضح ثمرة مباشرة للاستقرار الاقتصادى،
فأنشئت الطرق والمدارس والمساجد والقصور والرُّبط فى أماكن
مختلفة من دولة الخلافة العباسية، ولايتسع المقام هنا للدخول فى
تفاصيل هذا الجانب، ولكننا نكتفى ببعض أمثلة قليلة توضح ذلك،
وتستحق الدولة البويهية وقفة خاصة هنا، فقد اهتمت هذه الدولة
اهتمامًا خاصًا بالجانب العمرانى، ولاشك أن عضد الدولة كان أبرز
ملوكها فى هذا الجانب، فقد صرف كثيرًا من جهده للعمارة والتشييد
فى الأماكن التى خضعت لسلطانه فى فارس والرى وأصفهان