وفى مجال الأدب - إبداعًا وتأليفًا - شهد هذا العصر نهضة تأخذ

بالألباب، فقد لمع فيه كوكبة من أعظم شعراء العربية، نذكر منهم -

على سبيل المثال لا الحصر- البحترى شاعر الخليفة المتوكل المتوفى

سنة (284هـ = 897م)، وقد اشتهر بلغته الموسيقية العذبة ووصفه

الرائع؛ وابن الرومى المتوفى سنة (283هـ = 896م)، وقد اشتهر

بقدرته على توليد المعانى وابتكار الصور المعبرة؛ والمتنبى

المتوفى سنة (354هـ = 965م) الذى مازال يحتل مكان السبق بين

شعراء العربية قديمًا وحديثًا، وقد خَصَّ سيف الدولة الحمدانى بعيون

مدائحه، كما مدح الملك البويهى عضد الدولة، وأمير مصر كافور

الإخشيدى وغير هؤلاء من أعيان عصره، ومن أبرز شعراء هذا العصر

أيضًا: الشريف الرضى الذى ينتهى نسبه إلى الحسين بن على بن

أبى طالب، كان وثيق الصلة بالخليفة القادر بالله (381 - 422 هـ =

991 - 1031م)، وتوفى ببغداد سنة (406هـ = 1015م)، وعَدَّه بعض

النقاد أشعر قريش. يقول عنه الثعالبى فى يتيمة الدهر: «هو أشعر

الطالبيين من مضى منهم ومن غبر، على كثرة شعرائهم المفلقين، ولو

قلت إنه أشعر قريش لم أبعد عن الصدق، وسيشهد بما أخبر به شاهد

عدل، من شعره العالى القِدْح الممتنع عن القَدْح، الذى يجمع إلى

السلاسة متانة وإلى السهولة رصانة، ويشتمل على معانٍ يقرب

جناها ويبعد مداها».

ويحتل الشاعر الفيلسوف أبو العلاء المعرى مكانةً مرموقة بين

شعراء هذا العصر، وقد ولد فى عام (363هـ = 974م) فى معرة

النعمان، وهى بلدة صغيرة فى شمالى الشام بين حلب وحمص

وتوفى فى سنة (449 هـ = 1057م)، أى أنه عاش فى فترة النفوذ

البويهى وعاصر من خلفاء العباسيين الطائع لله والقادر بالله والقائم

بأمر الله، ولأبى العلاء ديوان «سقط الزند» و «لزوم ما لا يلزم»

المشهور باسم «اللزوميات»، وسمى بذلك لأنه ألزم نفسه فيه بما لا

تفرضه عليه أصول القافية مما يدل على سعة باعه فى اللغة. ويُعَدُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015