«على بن عيسى بن ماهان»، وجهَّز «المأمون» جيشًا ضخمًا بقيادة
«طاهر بن الحسين»، ودارت عدة معارك بين الجيشين انتهت
بمحاصرة «بغداد» ومقتل «الأمين» سنة (198هـ= 813م)، وقد دامت
خلافة «الأمين» أربع سنوات وثمانية أشهر وخمسة أيام.
الخليفة السابع: عبد الله المأمون (198 - 218هـ= 813 - 833م):
هو «عبد الله بن هارون الرشيد»، وُلد فى منتصف (ربيع الأول سنة
170هـ= أغسطس سنة 786م) وأمه «أم ولد» فارسية تُسمَّى
«مراجل»، وكان يكنى «أبا العباس»، ويُلقب بالمأمون.
نشأ «المأمون» نشأة إسلامية، وتلقى العلوم العربية، وتدرَّب على
فنون القتال والنزال وقيادة الجند، كما أسند والده «الرشيد» إلى
وزيره «جعفر البرمكى» مهمة الإشراف على تنشئته، وقد أظهر
المأمون نبوغًا خلال دراسته.
ولما تولى «المأمون» الخلافةعزم أن يقدم القدوة الصالحة والسيرة
الحسنة فى الناس حتى يقتدى به رجال دولته، وكان يقول: «أول
العدل أن يعدل الملك فى بطانته، ثم الذين يلونهم، حتى يبلغ إلى
الطبقة السفلى».
كما اتصف «المأمون» بالعفو والحلم حتى اشتهر بذلك وهو القائل:
«لو عرف الناس حبى للعفو لتقربوا إلىّ بالجرائم، وأخاف ألا أؤجر
عليه»، يعنى لكونه طبعًا له يستلذ به.
سياسة المأمون:
انتهج «المأمون» سياسة واعية تقوم على أسس واضحة منها:
1 - تأليف القلوب بالعفو والعطاء، وقد عد «اليعقوبى» سبع عشرة
حادثة يستحق صاحب كل واحدة منها القتل عند أمثال «المنصور»،
لكنها قوبلت عند «المأمون» بالعفو.
2 - العناية بالعلم والعلماء: كان للمأمون ولعٌ بالأمور العلمية
والفلسفية، فكان يعقد مجالس المناظرة ويبعث فى طلب العلماء
والأعلام من «بيزنطة» لحضورها، وكان يتصيَّد الكتب النادرة ويدفع
فيها المبالغ الطائلة، ويجعل حصوله عليها شرطًا من شروط الهدنة
ووقف القتال مع الروم، كما أقام «بيت الحكمة» وجعل فيها مكتبة
ضخمة، وجهازًا كبيرًا للترجمة من مختلف اللغات إلى اللغة العربية،