هو «هارون بن محمد المهدى»، وُلد بالرى فى آخر (ذى الحجة سنة
145هـ= فبراير سنة 763م)، وتولى الخلافة فى الليلة التى مات فيها
أخوه «الهادى» وعمره اثنان وعشرون عامًا.
ويُعدُّ «الرشيد» أشهر خلفاء العباسيين وأبعدهم صيتًا، فقد ملأت
أخباره كتب التاريخ شرقًا وغربًا.
سياسته العامة:
لما استقر «الرشيد» فى «بغداد» عاصمة الخلافة العباسية قلَّد
«يحيى البرمكى» منصب الوزارة وفوضه فى إدارة شئون البلاد،
ومنحه لقب «أمير»؛ فكان أول من لُقِّب بذلك من الوزراء الفرس فى
«الدولة العباسية».
اهتم «الرشيد» بإقامة العدل فى الناس، فأمر بإعادة الأراضى التى
اغتصبها أهل بيته فى عهد الخلفاء السابقين إلى أصحابها، ورفع
الظلم عن المسجونين ظلمًا، وقسم أموال ذوى القربى بين «بنى
هاشم» كلهم بالعدل، وأصدر عفوًا عن المعتقلين السياسيين، فأخرج
من كان فى السجن من العلويين، وسمح لهم بالعودة إلى «المدينة»،
ومنحهم الرواتب، كما أجرى «الرشيد» تعديلات واسعة فى مناصب
الدولة فى كل من «مكة» و «المدينة» و «الطائف» و «الكوفة»
و «خراسان» و «أرمينية» و «الموصل».
موقفه من الشيعة:
حاول «الرشيد» فى الأعوام الأولى من خلافته مسالمة العلويين
والعفو عنهم، إلا أنه كان يخشى خطورة اثنين منهم فرَّا عقب موقعة
«الفخ»، أما أولهما فهو «إدريس بن عبدالله» الذى نجح فى الوصول
إلى «المغرب الأقصى» وكون «دولة الأدارسة»، وأما الآخر فهو
«يحيى بن عبدالله» الذى فرَّ إلى «بلاد الدَّيلم» وتجمع حوله
المتشيعون لآل البيت، فأرسل إليه «الرشيد» جيشًا بقيادة «الفضل
بن يحىى»؛ لإرجاعه إلى حظيرة الخلافة، فعاد به إلى «بغداد»
حيث لقيه «الرشيد» بكل ما أحب، إلا أن الحاسدين سرعان ما وشوا
به عند الخليفة بسبب قيام الكثير من العلويين بزيارته والتودد إليه،
فأمر «الرشيد» بسجنه حتى مات. وقد استطاع بعض رجال الحاشية
الذين يكنون العداء للبيت العلوى تعميق خوف «الرشيد» من زعماء