هو «محمد بن عبدالله بن محمد» وُلد بالحميمة سنة (126هـ=743م)،
وقد هيأه والده «المنصور» وأعده ليكون جديرًا بمنصب الخلافة من
بعده، فنشأ على ثقافة عربية واسعة، ودراية بفنون الحرب وأساليب
الإدارة.
وقد أوصى «المنصور» ابنه وولى عهده «محمدًا» وصية جامعة،
قبيل وفاته تضمنت:
1 - التمسك بأن تظل «بغداد» عاصمة للخلافة.
2 - الاهتمام بأهل بيته وحاشيته وأهل «خراسان» لدورهم فى قيام
الدولة.
3 - تقوى الله وإبعاد النساء عن السياسة.
4 - تجنب إهدار دماء المسلمين، ومعاقبة المفسدين والملحدين
وتتبعهم.
5 - الاستعداد المستمر بالقوة والسلاح، وأن يباشر الأمور بنفسه.
وعقب وفاة «المنصور» بويع «المهدى» بيعة خاصة من قبل الزعماء
بمكة، ثم بايعه جمهور المسلمين فى «بغداد» فى (ذى الحجة سنة
158هـ= أكتوبر سنة 775م).
سياسة المهدى العامة:
اختلفت سياسة «المهدى» عمن سبقه، فاتسم عهده بالاستقرار
والهدوء والتسامح والصفح، فأطلق سراح المسجونين السياسيين،
واهتم بإقرار العدل بين الناس، وجلس للنظر فى مظالم الناس مستعينًا
بالقضاة، وأمر بالإنفاق على مرضى الجذام؛ حتى لا يختلطوا بالناس
فتصيبهم العدوى، كما اهتم اهتمامًا خاصا بالحرمين الشريفين
وبكسوة «الكعبة».
وقد عفا «المهدى» عن بعض آل البيت ومنحهم الأموال والإقطاعات،
وحينما أدى فريضة الحج سنة (160هـ= 777م) وزع أموالاً كثيرة على
أهل «مكة» و «المدينة»، وأصدر عفوًا عاما عمن عاقبهم «المنصور»
من أهل «الحجاز»؛ لمشاركتهم فى الثورة العلوية، واختار خمسمائة
من رجال الأنصار وكوَّن منهم حرسه الخاص، كما قام ببث العيون
والجواسيس بالبلاد لرصد أى تحرك معادٍ للدولة، ورغم ذلك فقد حاول
بعض العلويين مثل «عيسى بن زيد بن على» و «على بن العباس بن
الحسن» القيام بثورة ضد الخلافة العباسية، لكنها لم تنجح؛ حيث
عاجلهما الموت.
سياسة المهدى تجاه الخوارج:
واجه «المهدى» عدة ثورات من الخوارج وقضى عليها بحزمه وسرعة