وقد أحدث هذا خللاً شديدًا فى كيان البيت العباسى، فحاول «أبو
جعفر» رأب هذا الصدع، وأرسل إلى عمه عدة رسائل يدعوه إلى
الدخول فى طاعته، ولزوم الجماعة، إلا أن عمه رفض ذلك، فأرسل
إليه «أبو جعفر» قائده «أبا مسلم الخراسانى» على رأس جيش
كبير، ودارت معركة فاصلة بين الجيشين فى (جمادى الآخرة سنة
137هـ= نوفمبر سنة 754م)، انتهت بانتصار جيش «أبى مسلم» وفرار
«عبدالله بن على» إلى «البصرة»، ثم استطاع الخليفة «أبو جعفر»
إحضاره منها إلى «الكوفة» وسجنه حتى مات سنة (147هـ= 764م).
ثانيًا: تمرد أبى مسلم الخراسانى:
اختلفت المصادر التاريخية فى بيان أصل «أبى مسلم الخراسانى»،
والراجح أنه من أصلٍ فارسى، وقد التحق فى بداية أمره بخدمة
«إبراهيم الإمام» الذى أُعجب به ووثق فيه، واستعان به فى أموره
المهمة، وكان له دور بارز فى نجاح الدعوة العباسية، وقيام دولتها.
ورغم الجهود والأعمال التى قام بها «أبو مسلم» فإنه ارتكب بعض
الأخطاء الجسيمة فى حق الخلافة العباسية منها:
انفراده بالحكم فى «خراسان»، وتجاهله شيوخ الدعوة العباسية
ونقباءها هناك، وعدم تنفيذ أوامر الخليفة «أبى العباس» ثم تجاهله
لأبى جعفر فى مناسبات كثيرة، وتحريضه ابن أخيه «عيسى بن
موسى» على الثورة والاستئثار بمنصب الخلافة، وغير ذلك.
وقد حاول الخليفة «أبو جعفر» - فى البداية - معالجة الأمور بهدوء،
فاستدعى «أبا مسلم» من «خراسان» إلا أنه رفض الحضور فواصل
الخليفة مراسلاته، واستعان ببعض الزعماء للضغط على «أبى مسلم»
للحضور إلى مقر الخلافة فى «العراق»، إلا أن «أبا مسلم» رفض
ذلك، فأرسل الخليفة إليه يهدده ويتوعده إن لم يرضخ ويستجب
لأمره، وبعد مشاورات بين «أبى مسلم» وأنصاره استجاب وحضر
إلى قصر الخلافة، فعدد عليه الخليفة «أبو جعفر» ما ارتكبه من
أخطاء فى حق الدولة، ثم أمر بقتله.
ثالثًا: ثورة محمد النفس الزكية:
هو «محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب»،