ولما تولى أخوه «أبو العباس» الخلافة استعان به فى محاربة أعدائه

وتصريف أمور الدولة، وكان ينوب عنه فى الحج، كما أوصى «أبو

العباس» قبيل وفاته مباشرة بولاية عهده لأخيه «أبى جعفر»، الذى

كان غائبًا فى موسم الحج، فلما تُوفِّى «أبو العباس» قام ابن أخيه

«عيسى بن موسى» بأخذ البيعة لأبى جعفر من «بنى هاشم»

وغيرهم، وأرسل إلى عمه «أبى جعفر» بوفاة أخيه ومبايعته

بالخلافة.

ولما وصل «أبو جعفر» إلى «الأنبار» استكمل أخذ البيعة من القادة

والرؤساء، ثم خطب فيهم مبيِّنًا سياسته فى إدارة الدولة فى النقاط

الآتية:

1 - زهده فى منصب الخلافة، وأنه لم يكن يتطلع إلى ذلك أو يرغب

فيه.

2 - تعهده بتنفيذ ما ورد فى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه

وسلم -.

3 - تعهده بإقرار العدل ورفع الظلم عن الناس، وإرجاع الحقوق إلى

أصحابها.

يُعدُّ «أبو جعفر المنصور» المؤسس الحقيقى للدولة العباسية، وقد

واجه بحزم واقتدار العديد من المشاكل والثورات حتى نجح فى

السيطرة عليها والقضاء على القائمين بها، ومنها: ثورة عمه «عبد الله

بن على»، وتمرد «أبى مسلم الخراسانى»، وثورة «محمد النفس

الزكية»، وثورات الفرس، وحركات الخوارج.

أولاً: ثورة عبد الله بن على:

يُعدُّ «عبد الله بن على» - عم الخليفة «أبى جعفر المنصور» - من

الشخصيات العسكرية البارزة فى «الدولة العباسية»، وقد شارك مثل

غيره من أفراد البيت العباسى، فى النشاط العسكرى والسياسى

حتى قامت «الدولة العباسية»، وتولى إمارة «الشام»، فلما تُوفِّى

الخليفة الأول «أبو العباس»، رفض «عبد الله بن على» مبايعة الخليفة

الجديد «أبى جعفر المنصور»، وأعلن أنه أحق منه بمنصب الخلافة،

وأن الخليفة «أبا العباس» كان قد وعده بذلك، ولم يكن هذا صحيحًا؛

لأن الخليفة «أبا العباس» كتب وصيته قبل وفاته بتولية أخيه «أبى

جعفر» الخلافة، كما أنه لم يرد عن أحد من أفراد البيت العباسى ما

يؤيد دعوى «عبد الله بن على».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015