العباسية، بل إن بعض الولاة أسهموا فى تفاقم نار العصبية والعمل
على إشعالها؛ بسوء سياستهم وضيق أفقهم، فكان إذا جاء والٍ من
«اليمن»، تعصَّب لقومه وخصَّهم بالمزايا والوظائف واضطهد القيسيين،
وإذا جاء والٍ من «قيس» فعل عكس ذلك.
وهكذا كانت الأحوال فى «خراسان» تنتقل من سيئ إلى أسوأ؛ مما
ساعد الدعاة العباسيين على إلحاق كل ذلك بخلفاء الأمويين، وقد
استغل ذلك «أبو مسلم الخراسانى» واستثمره لمصلحة العباسيين.
- رابعًا: الموالى وبخاصة الفرس، فقد بغض هؤلاء الدولة الأموية،
ومضوا فى طريق العداء لها، فلم يتركوا ثورة أو فتنة ضدها إلا
انضموا إليها واشتركوا فيها، مهما تكن هوية القائمين عليها، من
شيعة إلى خوارج، إلى ثورة «ابن الأشعث» إلى ثورة «ابن المهلب»،
حتى جاءتهم الدعوة العباسية، فانخرطوا فيها، وكانت على أيديهم
نهاية الدولة الأموية.
- خامسًا: الخلفاء الأمويون المتأخرون: أسهم هؤلاء بدءًا من خلافة
«الوليد بن يزيد» (125 - 126هـ) فى سقوط الدولة وسهَّلوا لكل
خصومهم مهمتهم للانقضاض على الدولة، وذلك لعدم كفاءتهم لقيادة
دولة عملاقة كالدولة الأموية من ناحية، ولتناحرهم فيما بينهم على
الحكم والسلطان من ناحية أخرى.
وكل هذه العوامل السابقة لو وجدت رجالا من طراز «معاوية بن أبى
سفيان» أو «عبدالملك بن مروان» لكان من الممكن التغلب والسيطرة
عليها، لكن هؤلاء تركوا الدولة تتعرض لأشد المخاطر، وتفرغوا
لمحاربة بعضهم بعضًا، حتى جاء من قضى عليهم جميعًا.
- سادسًا: الدعوة العباسية: بدأت الدعوة العباسية عملها منذ نهاية
القرن الأول الهجرى، فى خلافة «سليمان بن عبدالملك» عندما انتقلت
الدعوة الشيعية من «عبدالله بن محمد بن على بن أبى طالب» المكنى
بأبى هاشم إلى «على بن عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب»، الذى
كان يعيش فى قرية «الحميمة» جنوبى الشام، حين أسرَّ إليه «أبو
هاشم» بأسرار الدعوة وأسماء رجالها.