وفى الوقت الذى يواجه فيه «مروان» كل هذه الظروف الصعبة،

منتقلا من ميدان إلى ميدان، ومن جبهة إلى أخرى دون كلل أو ملل،

محاولا إنقاذ الدولة، وبث روح الحياة فيها، وتجديد الدماء فى

أوصالها - تفاجئه رايات العباسيين منحدرة من «خراسان» كالسيل

المنهمر، مكتسحة كل قواته فى طريقها، ولم تتوقف إلا بهزيمته وهو

على رأس جيوشه فى معركة على «نهر الزاب» بالعراق، فى شهر

جمادى الآخرة سنة (132هـ).

ولم يجد «مروان» طريقًا سوى الهرب إلى «مصر»، غير أن العباسيين

لاحقوه إلى هناك، واستطاع «صالح بن على بن عبدالله بن عباس»،

عم أول خليفة عباسى أن يقتله فى قرية تُسمَّى «زاوية المصلوب»

التابعة لبوصير الواقعة جنوبى «الجيزة»، فى ذى الحجة سنة

(132هـ).

سقوط الدولة الأموية:

إن من يقرأ تاريخ الدولة الأموية منذ قيامها، ويدرس فتوحاتها

ونظمها الإدارية، ومساهماتها الحضارية، وكفاءة خلفائها وولاتها،

ربما لا يتوقع النهاية السريعة والسقوط المدوى لها، وبالفعل يعد

سقوطها وانهيار بنيانها الشامخ من الأمور العجيبة فى التاريخ

البشرى، غير أن ذلك العجب والدهشة يزولان، بعد دراسة العوامل

والأسباب التى تفاعلت وعملت على تحقيق ذلك السقوط، وهى

تتلخص فى الآتى:

- أولا: ثورات الشيعة المتتالية ضد الدولة، بدءًا من ثورة «الحسين بن

على بن أبى طالب» ضد «يزيد بن معاوية» واستشهاده فى

«كربلاء» فى المحرم سنة (61هـ)، ونهاية بثورة «زيد بن على بن

الحسين» سنة (121هـ) ضد «هشام بن عبدالملك».

وربما لا تكون ثورات الشيعة ذات أثر عسكرى فى الدولة الأموية،

باستثناء حركة «المختار الثقفى»، لكن أثرها كان بعيد المدى فى

نفوس الناس، وشحنها بالعداء لبنى أمية، وهذا ما استفاده دعاة

العباسيين فى مرحلة التحضير لثورتهم.

- ثانيًا: ثورات الخوارج وهذه كانت من العنف والقوة بحيث أسهمت

إسهامًا واضحًا فى إضعاف الدولة الأموية، فلم تتركها تستريح،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015