أطلق المسلمون اسم بلاد «ما وراء النهر» على البلاد المعروفة
الآن باسم «آسيا الوسطى» الإسلامية، وتضم خمس جمهوريات
إسلامية، كانت خاضعة للاتحاد السوفييتى، ثم منَّ الله عليهم،
فاستقلُّوا بعد انهياره. طرق المسلمون هذه البلاد عدة مرات منذ
خلافة «عثمان بن عفان» رضى الله عنه، وغزاها عدد كبير من
القادة المسلمين كان آخرهم «المهلب بن أبى صفرة»، ولم تكن
حملاتهم عليها للاستقرار الدائم والفتح المنظم، وإنما كانت
لتعرفها ومعرفة أحوالها. وبدأت المرحلة الحاسمة فى الفتح
والاستقرار مع تسلم «قتيبة بن مسلم» قيادة جيوش الفتح وولاية
إقليم «خراسان» سنة (85هـ)، وقد مرت خطوات «قتيبة» فى
فتح تلك البلاد التى استمرت نحو عشر سنوات (86 - 96هـ) عبر
مراحل أربع هى: - المرحلة الأولى (86 - 87هـ (: وفيها أخضع
«قتيبة بن مسلم» إقليم «طخارستان»، الواقع على ضفتى نهر
«جيحون»، ويبدو أن أوضاعه لم تكن قد استقرت للمسلمين
تمامًا، منذ أن فتحه «الأحنف بن قيس» فى خلافة «عثمان بن
عفان»، وكانت تلك بداية ناجحة، فبدون توطيد أقدامه فى
«طخارستان» لم يكن ممكنًا أن يمضى لفتح «ما وراء النهر»،
وأصبح يتمتع بهيبة كبيرة فى تلك البلاد؛ فما إن يسمع الملوك
بمسيره إليهم، حتى يسرعوا إلى لقائه وطلب الصلح. - المرحلة
الثانية (87 - 90هـ): وفيها فتح «قتيبة» إقليم «بخارى»، بعد
حروب طاحنة، وانتظام حملاته عليها، وكان الغزو يحدث فى
الصيف، لأن شتاء تلك البلاد كان قاسيًا شديد البرودة على
العرب، لكنهم صبروا وجاهدوا حتى تمَّ لهم الفتح. - المرحلة
الثالثة (90 - 93هـ): وفيها أكمل فتح حوض نهر «جيحون» كله،
وتوَّج عمله بالاستيلاء على «سمرقند»، أعظم مدائن «ما وراء
النهر» كلها. - المرحلة الرابعة (93 - 96هـ): وفيها عبر «قتيبة»
نهر «سيحون»، وفتح الممالك السيحونية الثلاث: «الشاش»،
و «أشروسنة»، و «فرغانة»، ووصل إلى إقليم «كاشغر» الذى