كان الذى دعا المسلمين إلى فتح تلك البلاد هو «يوليان» حاكم
ولاية «سبتة» المغربية الواقعة على ساحل البحر، والخاضعة
لحكم «القوط» آنذاك، ولم يكن المسلمون قد فتحوها، فاتصل
حاكمها بطارق بن زياد حاكم «طنجة»، وعرض عليه الفكرة،
فنقلها إلى «موسى بن نصير» الذى اتصل بالخليفة «الوليد بن
عبدالملك»، فأذن له الخليفة، على أن يتأكد من صدق نيات
«يوليان»، وأن يرتاد البلاد بحملة استطلاعية، ليعرف أخبارها
قبل أن يدخلها فاتحًا. كلَّف «موسى بن نصير» أحد رجاله وهو
«طريف بن مالك» على رأس خمسمائة جندى، بدخول «الأندلس»
وجمع ما يمكن جمعه من أخبار، كما طلب من «يوليان» أن
يوافيه بتقرير عن أوضاع البلاد، فاتفقت معلومات «طريف» التى
جمعها مع تقرير «يوليان»، وكلها تفيد أن البلاد فى حالة
فوضى، وتعانى من الضعف العسكرى، وأن الناس ينتظرون
المسلمين ليرفعوا عنهم الظلم، وعاد جيش «طريف» سنة (91هـ)
محملا بالغنائم. اختار «موسى بن نصير» للقيام بمهمة فتح
«الأندلس» طارق بن زياد» وهو من أصل بربرى لما يتمتع به من
شجاعة ومهارة فى القيادة، فخرج فى سبعة آلاف جندى،
معظمهم من «البربر»، وعبر المضيق الذى يفصل بين الساحل
المغربى والساحل الأندلسى، والذى لايزال يحمل اسمه، ونزل
على الجبل - الذى حمل اسمه أيضًا - فى شهر رجب سنة (92هـ)،
واستولى عليه بعد عدة معارك مع القوات القوطية التى كانت
تقوم بحراسته، وتوغَّل فى جنوبى البلاد. وما إن علم الملك
«روذريق» بنزول المسلمين فى بلاده - وكان فى شمالى غربى
البلاد مشغولا بقمع ثورة اندلعت ضده - حتى عاد مسرعًا للقاء
المسلمين على رأس جيش قوامه نحو مائة ألف جندى، ولما علم
«طارق» بعودة الملك طلب مددًا من «موسى بن نصير»، فأمدََّه
بخمسة آلاف، وأصبح عدد جيشه اثنى عشر ألفًا، والتقى
الفريقان فى أواخر شهر رمضان سنة (92هـ)، وحقق المسلمون