إحدى الغزوات التى وقعت بين المسلمين وأحزاب المشركين سنة
(5 هـ = 672م) بعد غزوة أحد. وسُميت بهذا الاسم؛ لأن قريشًا
وغطفان وبنى سليم وبنى مرة تحزَّبوا وتجمعوا للقضاء على
الإسلام ودعوته بالمدينة المنورة. وقد قام اليهود من بنى النضير
بتحزيب هذه القبائل وتجميعها وتأليبها على المسلمين؛ إذ ذهب
وفد منهم على رأسه حُيى بن أخطب إلى قريش، وحرَّضهم على
غزو المسلمين، فاستجابوا للدعوة، ثم توجهوا إلى غطفان
فأغروهم بأن يكون لهم نصف ثمار بنى النضير ثم طافوا بقبائل
أخرى. وتمَّ الأمر لهم كما أرادوا؛ فقد تجمع جيش كبير قوامه
(10) آلاف مقاتل، أعدوا عدتهم للسير تجاه المدينة. وكان ذلك
فى شهر شوال من السنة الخامسة للهجرة. علم الرسول - صلى
الله عليه وسلم - بهذه الأخبار المفزعة، فجمع كبار الصحابة
واستشارهم كيف يواجهون هذا الموقف، فأشاروا عليه بالتحصن
داخل «المدينة»؛ لأنهم استفادوا من درس «أحد»، وأخذوا يعدُّون
العدة لتحمل حصار طويل من الأعداء. وهنا جاءت فكرة رائعة من
«سلمان الفارسى» - رضى الله عنه - وهى حفر خندق فى الجهة
الشمالية الغربية من «المدينة»؛ لمنع اقتحام جيوش الأحزاب لها،
لأن بقية جهاتها الأخرى كانت محصنة بغابات من النخيل، يصعب
على الخيول اقتحامها. وتم حفر الخندق فى نحو أسبوع، وعمل
النبى - صلى الله عليه وسلم - بنفسه مع المسلمين فى حفره،
وبشرهم وهم فى هذا الموقف العصيب بفتح «الشام» و «العراق»
و «اليمن». جاءت قوات الأحزاب وهى واثقة لا بالنصر على
المسلمين فحسب، بل باستئصالهم، لكن المفاجأة أذهلتهم عندما
رأوا الخندق يحول بينهم وبين اقتحام المدينة، وظلوا أمامه
عاجزين، تأكل قلوبهم الحسرة، لأنهم لم يتعودوا مثل هذا
الأسلوب فى القتال، ولما حاول واحد منهم اقتحام الخندق لقى
حتفه فى الحال. وعلى الرغم من أن الخندق قد حمى المسلمين
من هجوم المشركين، فإن الكرب قد اشتد عليهم، وضاقوا بطول