أحد ثلاثة أقوام من اليهود، هم بنو قينقاع وبنو النضير وبنو
قريظة. كانوا يسكنون المدينة المنورة (يثرب) قبل هجرة الرسول
- صلى الله عليه وسلم - إليها، ولماهاجر الرسول - صلى الله عليه
وسلم - إليها نظم علاقة المسلمين باليهود من خلال ما عرف باسم
الصحيفة، لكن هؤلاء اليهود ما لبثوا أن حاكوا الدسائس والمكائد
للتخلص من النبى، ونقضوا ما بينهم وبينه من عهود، وكان
أولهم يهود بنى قينقاع. وذات يوم ذهبت امرأة مسلمة إلى سوق
بنى قينقاع، ثم جلست إلى صائغ منهم لتشترى منه، فحاولوا
كشف وجهها فأبت، فعمد الصائغ إلى عقد طرف ثوبها إلى
ظهرها - وهى لاتشعر - فلما قامت انكشفت سوأتها، فضحكوا
منها، فصاحت واستغاثت؛ فوثب رجل من المسلمين على الصائغ
اليهودى فقتله؛ فتجمع اليهود على المسلم فقتلوه؛ فاستصرخ
أهل المسلم على اليهود، فغضب المسلمون، فوقع الشر بينهم
وبين بنى قينقاع؛ فحاصرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
خمس عشرة ليلة حتى نفذوا حكم الله ورسوله. واستشار الرسول
- صلى الله عليه وسلم - كبار أصحابه، فأشاروا بقتلهم، وكان لهم
حليفان: عبد الله بن أُبى، وعبادة بن الصامت، فأما عبادة فقد
تبرأ منهم إلى الله رسوله وأما عبد الله بن أبى فقال: يامحمد
أحسن فى موالىَّ، فأعرض عنه الرسول، ثم كرر عبد الله
مقالته، والرسول يعرض عنه، ومازال يلح على الرسول ويقول:
إنى أخشن الدوائر، حتى قبل شفاعتة فيهم، على أن يخرجوا
من المدينة، ولهم النساء والذرية وللمسلمين الأموال، فأمهلهم
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث ليالٍ؛ فذهبوا إلى أذرعات
على حدود الشام، وكان ذلك أوائل سنة (3هـ).