وينيبون غيرهم للقيام به فى أحيان أخرى.
ولما اتسعت الدولة الإسلامية فى عصر (بنى أمية)، عجز الخلفاء عن
القيام بعمل (المحتسب) بأنفسهم؛ لانشغالهم بمهام كثيرة سياسية
وإدارية وعسكرية، وخصصوا لهذا العمل من يقوم به، وأصبح نظام
(الحسبة) ووظيفة (المحتسب) من أهم النظم الإسلامية التى تعمل على
سلامة المجتمع، وتنقيته من كل المفاسد.
وقد امتد عمل (المحتسب) إلى كل مجالات الحياة تقريبًا، وقد لخَّص
(ابن خلدون) فى مقدمته اختصاصات (المحتسب) فقال: (ويبحث -
المحتسب - عن المنكرات، ويعزِّر ويؤدب على قدرها، ويحمل الناس
على المصالح العامة فى المدينة، مثل المنع من المضايقة فى
الطرقات، ومنع الحمالين وأهل السفن من الإكثار فى الحمل - لئلا
تغرق السفينة بمن فيها - والحكم على أهل المبانى المتداعية
للسقوط بهدمها، وإزالة ما يتوقَّع من ضررها على السابلة - أى:
المارة فى الطريق - والضرب على أيدى المعلمين فى المكاتب
وغيرها فى الإبلاغ - أى المبالغة - فى ضربهم للصبيان المتعلمين، ولا
يتوقف حكمه على تنازع أو استعداء، بل له النظر والحكم فيما يصل
إلى علمه من ذلك، ويرفع إليه، وليس له الحكم فى الدعاوى مطلقًا،
بل فيما يتعلق بالغش والتدليس فى المعايش وغيرها، وفى المكاييل
والموازين، وله أيضًا حمل المماطلين على الإنصاف، وأمثال ذلك مما
ليس فيه سماع بيِّنة، ولا إنفاذ حكم، وكأنها أحكام ينزَّه القاضى
عنها لعمومها، وسهولة أغراضها، فتدفع إلى صاحب هذه الوظيفة
ليقوم بها، فوضعها على ذلك أن تكون خادمة لمنصب القضاء).
وإذا نظرنا إلى عمل (المحتسب) الذى هدفه هو راحة الناس فى ضوء
النظم الحكومية المعاصرة نجده موزعًا بين العديد من الوزارات
والهيئات، مثل وزارة التموين، والصحة، والصناعة، والتعليم،
والزراعة، والداخلية، والنيابة العامة، ومصلحة الدمغة، والموازين،
والمرافق بمختلف أنواعها.
الشرطة: