سبب ذلك، قال لهم: (إنما رددنا عليكم أموالكم، لأنه بلغنا ما جُمِع لنا
من الجموع - يقصد الروم الذين تجمَّعوا للهجوم على دمشق- وإنكم قد
اشترطتم علينا أن نمنعكم، وإنا لا نقدر على ذلك، فرددنا عليكم ما
أخذنا منكم).
فقال أهل (حمص): (لولايتكم وعدلكم أحب إلينا لحاكمنا فيه من الظلم
والغشم -يقصدون الحكم البيزنطى- وردَّكم الله إلينا سالمين، والله لو
كانوا هم ما ردُّوا علينا شيئًا).
- ثالثًا: إشراك أبناء البلاد المفتوحة فى إدارة بلادهم:
أدرك المسلمون أن سير الأمور فى البلاد المفتوحة سيرًا حسنًا،
وتحقيق مصالح أهلها يكمُن فى الأسلوب الإدارى الذى سيتبعونه
فى إدارة البلاد، ومن ثم لم يترددوا فى الاحتفاظ بالنظم الإدارية التى
وجدوها فى البلاد سواء التى كانت تابعة للدولة البيزنطية مثل (مصر)
و (الشام) و (شمالىّ إفريقيا)، أو التى كانت تابعة للفرس، مثل
(العراق) وبلاد فارس نفسها، ولم يكتفوا بذلك، بل طوروا من النظم ما
يرونه ضروريا، ليتفق مع دينهم ونظامهم السياسى والاجتماعى
القائم على أسس من الشريعة الإسلامية، وما يحقق الصالح العام
للدولة وللأمة.
وكان (عمر بن الخطاب) هو أول من سنَّ هذه السنة، فاقتبس نظام
الدواوين، الذى يشبه نظام الوزارات فى الدولة الحديثة من النظم
الفارسية والبيزنطية، ولم يجد غضاضة فى ذلك.
ولم يقف المسلمون عند حد الاستفادة من النظم الإدارية التى وجدوها
فى البلاد المفتوحة، بل أبقوا أيضًا على الجهاز الإدارى الذى يسيِّر
العمل، واحتفظوا لأنفسهم بالمناصب العليا كالإمارة، وقيادة الجيش
والقضاء والشرطة.
وإزاء هذه السياسة كان المجال رحبًا أمام أبناء البلاد المفتوحة
الذين لم يعتنقوا الإسلام للوصول إلى المناصب العليا فى الجهاز
الإدارى، التى كانوا محرومين من توليها فى ظل الحكومات السابقة
على الفتح الإسلامى، على حين كان الطريق مفتوحًا لمن يسلم منهم