للشعوب ناهبًا لثرواتها، وإنما كان فتحًا دينيا وثقافيا ولغويا،
فانتشر الإسلام فى البلاد المفتوحة بخطى حثيثة، وتغيرت أوضاعها
السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ويمكن القول: إن هذا العالم الفسيح أصبح عالمًا إسلاميا واحدًا،
فسيادة المسلمين عليه لاتنازع، والإسلام هو الدين الغالب فى سماحة
ورحمة، والحاكم فى عدل، ولم تأخذ المسلمين نشوة النصر والغلبة،
التى قد تحملهم على الكبر والتعالى وإذلال الشعوب المغلوبة، بل
عاملوهم معاملة كريمة، وصانوا أرواحهم وأموالهم وعقائدهم،
وحفظوا عهودهم ومواثيقهم معهم، ووفوا بها فى صدق وإخلاص،
وأشركوا أبناءهم فى حكم بلادهم وإدارتها.
عوامل انتشار الإسلام:
أولا عالمية الإسلام:
لا جدال فى أن الإسلام دين عالمى، ورسالته للجنس البشرى كله؛
لقوله تعالى مخاطبًا نبيَّه - صلى الله عليه وسلم -: {وما أرسلناك إلا
كافة للناس بشيرًا ونذيرًا}. [النبأ: 28].
وقال تعالى: {قل يا أيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعًا}.
[الأعراف: 158].
وقال النبى - صلى الله عليه وسلم -: (إن مثلى ومثل الأنبياء من قبلى
كمثل رجل بنى بيتًا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية،
فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلا وُضعت هذه
اللبنة؛ فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين). [صحيح البخارى].
وليس معنى عالمية الإسلام أن يُنشَر بالقوة وبحد السيف، كما يزعم
أعداء الإسلام، ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة كما أمر النبى - صلى
الله عليه وسلم -.
- ثانيًا: التسامح:
تعامل المسلمون الفاتحون مع أبناء الشعوب المفتوحة بتسامح
ورحمة، وقد شهد بذلك غير المسلمين، فيقول (جوستاف لوبون): (لم
يعرف التاريخ فاتحًا أرضى من العرب).
وليس أدل على وجود هذه السياسة المتسامحة من رد (أبى عبيدة بن
الجراح) الجزية التى أخذها من أهل (حمص) إليهم، حين اضطر إلى
الانسحاب من (حمص) للدفاع عن (دمشق)، ولما سألوه فى دهشة عن