وظهر الأمراء الأئمة منذ القرن الخامس عشر الميلادى، وكان هؤلاء
السلاطين يأتمرون بأمر الفقهاء ويتلقون منهم التوجيه والإرشاد.
وكان انتشار الإسلام يسير فى ركاب حركات الجهاد التى قام بها
السلاطين فى «أوفات» و «عدل» و «هرر». وليس ثمة شك فى أن
انتشار الإسلام كان مصحوبًا بنشاط تعليمى واضح؛ إذ كلما انتشر
الإسلام فى مكان خف إليه الفقهاء والمعلمون وأقاموا المدارس
والكتاتيب، وقد لاحظ المستشرق «توماس أرنولد» أثناء تنقله فى
بلاد الحبشة أن الوظائف التى تتطلب خبرة خاصة ومستوى ثقافيا
معينًا كان لا يشغلها إلا المسلمون، ويعلل ذلك بأن المسلمين كانوا
يعلمون أبناءهم القراءة والكتابة فى الوقت الذى كان فيه أبناء
المسيحيين لايتعلمون إلا إذا أرادوا الانتظام فى سلك الكهنوت.
وربما كانت الحياة الثقافية فى السلطنات الإسلامية التى انتشرت من
«مقديشيو» صوب الجنوب أكثر ازدهارًا منها فى مدن الشمال، فقد
عاشت هذه المدن عيشة رخاء وطمأنينة منذ نشأتها الأولى حتى
بداية الاحتلال البرتغالى فى أواخر القرن الخامس عشر الميلادى، ولم
تشهد ما شهدته مدن الشمال من جهاد لأجل البقاء، ولذلك كان أمامها
من الوقت ما تعطيه لرعاية الفنون والآداب وأنواع الثقافة الإسلامية
المختلفة.
وقد حمل إليها العرب والفرس حبهم للأدب والشعر، ويبدو أن فترة
الاحتلال البرتغالى وما أعقبها من تحرر وانطلاق أنتجت نهضة أدبية
وصلت غايتها فى القرن الثامن عشر الميلادى، وامتدت إلى الأدب
الشعبى السواحيلى، فظهر فى هذا الميدان شاعر من أهل الجنوب
اسمه «موياس بن الحاج الغسانى» بلغ إنتاجه درجة عالية من التفوق.
كما أنتجت ثقافة دينية عميقة تمثلت فى مؤلفات السيد «عبدالله بن
على» فى كتابه المسمى «الانكشاف» وكان يدرس فى المدن
الجنوبية كلها فى الأربطة والزوايا وغيرها.
وأيضًا فى الهمزية التى ألفها السيد «عيد اروس بن الشيخ على» من