استراحة من كربتها، كما يفيق المريض من علّته، والسكران من نشوته.
والمراد أنه لا راحة للقوم منها. فجعل سبحانه الراحة لها على طريق المجاز والاتساع. ومثله كثير في الكلام.
وقوله سبحانه: إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ (23) . وهذا الكلام داخل في حيّز الاستعارة. لأن النعاج هاهنا كناية عن النساء. وقد جاءت في أشعارهم الكناية عن المرأة بالشاة.
وعلى ذلك قول الأعشى:
فرميت غفلة عينه عن شاته فأصبت حبة قلبها وطحالها «1» أي: عن امرأته. وقال عنترة:
يا شاة ما قنص لمن حلّت له حرمت عليّ وليتها لم تحرم «2» وربما سمّوا الظّبية نعجة، والظبية شبيهة بالمرأة، فتكون اللفظة مستعارة على هذا التركيب.
وإنما شبّهت النساء بالنعاج، لأنّ النعاج يرتبطن للاحتلاب والاستنتاج، والنساء يصطفين للاستمتاع والاستيلاد.
وقوله تعالى في ذكر الخيل حاكيا عن سليمان عليه السلام لمّا عرضت عليه فكاد أن يفوته، للشغل بها، وقت صلاة كان يصلّيها، فضرب رؤوسها وعراقيبها بالسيف، على ما وردت به الأخبار: رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ (33) وهذه استعارة. لأن المسح هاهنا- في أكثر أقوال أهل التأويل- كناية عن الضّرب بالسيف.
وامتسح رأسه: إذا فعل به ذلك. وهذه الباء هاهنا للإلصاق فكأنّ السّياق:
وألصق السيف بسوقها وأعناقها. كما يقول القائل: مسحت يدي بالمنديل.