كذّبوهما لأنهما بشر مثلهم، ومن قوم عابدين لهم، فأهلكهم كما أهلك من قبلهم من الأمم. ثم آتى موسى التوراة ليهتدي قومه بها، بعد أن نجّاهم من استعباد فرعون ثم ذكر أنه جعل منهم عيسى بن مريم وأمّه آية في ولادته منها بغير أب وأن آياته كانت خاتمة آياتهم.
ثم ذكر تعالى ما كان من أمر هؤلاء الرسل، بعد أن نصرهم على أعدائهم، وأنّه أمرهم أن يتمتعوا بما رزقهم من الطيبات في دنياهم، وأن يعملوا صالحا ينفعهم في آخرتهم، وأن يعبدوه وحده، لأنّ شرائعهم واحدة، قائمة على أساس التوحيد ثم ذكر أن أتباعهم لم يعملوا بهذا بعدهم، بل اختلفوا فيه اختلافا شديدا، واغتبط كلّ فريق منهم بما اتّخذه دينا له، وأمر النبيّ (ص) أن يتركهم في غفلتهم عما بعث به أولئك الرسل، إلى أن يحين عذابهم ثم ذكر أنهم إذا كانوا في نعم عظيمة، فإنها ليست ثوابا معجّلا لهم على أديانهم، وإنما هي استدراج لهم في المعاصي ليبلغوا ما يبلغون من زيادة الإثم ثم ذكر أنّ ما هم فيه من تلك النّعم والخيرات، ليس بخيرات على الحقيقة، وإنما الخيرات ما يسارع فيه المؤمنون من خشية ربّهم، إلى غير هذا مما ذكر من أعمالهم ثم ذكر سبحانه أنه لا يكلّف أحدا إلّا وسعه من تلك الأعمال، وأنّ لديه كتابا يسجّل تلك الأعمال، وينطق بالحق فيها، وأنّ المشركين في غفلة عنها، بما هم فيه من الكفر والضلال ثم ذكر أنه إذا أخذ أصحاب تلك النّعم منهم بالعذاب، جأروا من هوله، وأنه ينهاهم عن الجؤار، لأنّه أنذرهم بذلك، فيما يتلى عليهم من آياته، فكانوا ينكصون على أعقابهم، ويسمرون بالطّعن في القرآن الذي يتلو ذلك عليهم، ثم قطع عذرهم، بأنه قد مكّن لهم من التدبّر في القرآن، وما أنذرهم به فلم يتدبّروا، إلى غير ذلك مما ذكره في قطع عذرهم ثم ذكر أنه جاءهم بالحق، وأنه لا يحملهم على تكذيبه إلا كراهتهم له، وأنه لم يأت على أهوائهم، ولو اتّبع الحقّ أهواءهم، لفسدت السماوات والأرض ومن فيهما ثم ذكر أنه قد أتاهم من ذلك بما فيه ذكرهم وشرفهم، وأن النبي (ص) لا يسألهم عليه أجرا، وأنّه يدعوهم إلى صراط مستقيم، وأنهم عن ذلك الصراط ناكبون، وأنّه لو سمع لجؤارهم، وكشف ما بهم من ضرّ،