لاستمروا في طغيانهم. ولقد أخذهم بعذاب قبل هذا العذاب، ثم كشفه عنهم فما استكانوا له. فلما أخذهم بهذا العذاب يئسوا من كشفه عنهم ثم ذكر ما كان يكفي لصرفهم عن تلك المبالغة في الإعراض فذكر سبحانه أنه هو الذي أنشأ لهم السمع والأبصار والأفئدة، وأنه هو الذي جعلهم يتناسلون في الأرض، ثم يحشرهم إليه وحده، وأنه، جلّ جلاله، هو الذي يحيي ويميت، ويخالف بين الليل والنهار ثم ذكر أنهم مع هذا مضوا في إعراضهم، وتقليد آبائهم في إنكار بعثهم بعد موتهم، وزعمهم أنهم قد وعدوا بذلك هم وآباؤهم، فلم يحصل شيء منه ثم ردّ عليهم بأنهم لا يستطيعون أن ينكروا أن الله هو خالق الأرض ومن فيها، وهو ربّ السماوات السبع والعرش، وأنه سبحانه بيده ملكوت كل شيء، ومن يكون هذا شأنه يكون قادرا على بعثهم ثم ذكر أنه أتاهم بالحق حين أثبت لهم أنه هو الذي خلقهم وحده، وأنهم إليه يحشرون، لا إلى غيره من ولد أو شريك، لأنه لم يتّخذ له ولدا ولا شريكا، ولو كان معه إله غيره، لذهب كل إله بما خلق، ولعلا بعضهم على بعض، سبحانه عما يصفون، وتعالى عما يشركون.
ثم أمر (ص) ، إذا أراه ما يوعدون من العذاب، أن يدعوه بأن ينجيه منه وذكر أنه قادر على أن يريه ما يعدهم من ذلك، ثم أمره أن يحتمل ما يكون منهم، قبل ذلك من ضروب الأذى، وأن يستعيذ به، مما يهمز به الشيطان، من دفعهم إلى إيذائه ثم ذكر تعالى أنه إذا جاء أحدهم الموت ندم على ذلك، وطلب من ربه أن يرجعه إلى الدنيا ليعمل صالحا، وأنه يجاب بزجره عن هذا الطلب، لأنه لا سبيل إلى رجوعه، إلى أن يبعث من قبره ثم ذكر أحوال يوم البعث وأنه ينفخ فيه في الصّور، فيبعثون من قبورهم، لا يعرف قريب قريبا، ولا يسأل شخص شخصا ثم يحاسبون، فمن ثقلت موازينه فهو من المفلحين، ومن خفّت موازينه فهو من الخالدين في جهنم. ثم ذكر أنهم ينادونه فيها، ويعتذرون بأن شقوتهم غلبت عليهم، ويطلبون أن يخرجهم منها، فإن عادوا إلى العصيان فهم ظالمون، فيأمرهم بأن يخسئوا فيها، ولا يكلّموه في الخروج منها، ويذكّرهم ما كان من سخريتهم بعباده