وقصة هذا الموضع- حسب رواية الإمام البخارى، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أن موسى- عليه السّلام- قام خطيبا فى بنى إسرائيل، وفى رواية: حتى إذا فاضت العيون، ورقت القلوب- فسئل: أى الناس أعلم؟ فقال: أنا، فعتب الله عليه إذ لم يردّ العلم إليه، فأوحى الله إليه: إن لى عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال موسى: يا رب فكيف لى به؟
قال: تأخذ معك حوتا فتجعله فى مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثمّ ... » الحديث (?).
وقد اختلف فى تحديد هذين البحرين على النحو التالى:
1 - فروى عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة، قال: بحر فارس وبحر الروم.
2 - وروى ابن أبى حاتم من طريق السدى، قال: هما نهرا الكرّ، والرّسّ؛ بإرمينية؛ حيث يصبان فى البحر.
3 - وقال ابن عطية: مجمع البحرين، ذراع فى أرض فارس، من جهة أذربيجان، يخرج من البحر المحيط، من شماليه إلى جنوبيه، وطرفيه مما يلى برّ الشام.
4 - وقيل: هما بحر الأردن، وبحر القلزم.
5 - وقال محمد بن كعب القرظى: مجمع البحرين بطنجة.
يقول الأستاذ/ سعيد حوى: والمجامع كثيرة، فعندك: مجمع البحر الأحمر بالمحيط الهندى، ومجمع النيل مع البحر الأبيض، ولا ندرى بالضبط، إذا كان المجمع واحدا من هذه، أو مجمعا آخر يلتقى فيه ماء خليج بماء بحر، أو ماء نهر كبير كشط العرب ببحر كالخليج، والمهم أنه فى مجمع من مجامع بحرين حدث الذى حدث مع موسى عليه السّلام وفتاه.
ويقول صاحب «الظلال»: والقرآن لا يحدد المكان الذى وقعت فيه- هذه القصة- بأنه «مجمع البحرين» والأرجح- والله أعلم- أنه «مجمع البحرين»: بحر الروم، وبحر القلزم أى: البحر الأبيض والبحر الأحمر، ومجمعهما: مكان التقائهما، فى منطقة البحيرات المرة، وبحيرة التمساح، أو أنه:
مجمع خليجى العقبة والسويس فى البحر الأحمر، فهذه المنطقة كانت مسرح تاريخ بنى إسرائيل بعد خروجهم من مصر، ثم يقول:
وعلى أىّ ... فقد تركها القرآن مجملة، فنكتفى بهذه الإشارة.
أما الإمام الفخر الرازى فيقول، ونحن معه: «ومجمع البحرين» هو: المكان الذى وعد فيه موسى بلقاء الخضر- عليهما السلام، وليس فى لفظ الآية القرآنية- المذكورة- ما يدل على تعيين هذين البحرين، فإن صح- بالخبر الصحيح- شىء فذاك، وإلا فالأولى