ومن يدرس تشريح الرحم، وموضعه المكين الأمين فى أسفل بطن المرأة، ويرى ذلك الوعاء ذا الجدار العريض السميك، ثم يرى هذه الأربطة العريضة، والأربطة المستديرة، وهذه الأجزاء من البريتون، التى تشده إلى المثانة، والمستقيم وكلها تحفظ توازن الرحم، وتشد أزره، وتحميه من الميل، أو السقوط، وتطول معه إذا ارتفع عند تقدم الحمل، وتقصر إلى طولها الطبيعى تدريجيا بعد الولادة. وكذلك من يدرس تكوين الحوض، وعظامه يعرف جليا روعة قوله تعالى ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ.
وأيضا: من يعرف كل ذلك، يدرك وجه الامتنان الإلهى على خلقه فى قوله تعالى لهم:
أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (?) (المرسلات: 20، 21).
ورد ذكره فى القرآن الكريم: مرتين:
الأولى: فى قوله تعالى ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (السجدة: 6 - 8). والثانية: فى قوله تعالى:
أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (21) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (المرسلات: 20 - 23).
والمراد به: المنىّ.
وقد وصف بالمهين ومعناها: الضعيف، كما قال الزجاج، أو الذى لا خطر له عند الناس، فهو ممتهن، لا يعتنى به.
يقول الأستاذ سيد قطب عليه رحمة الله:
ثم جعل نسل آدم عليه السّلام من سلالة من ماء مهين أى: من مادة النطفة الذى هو المرحلة الأولى فى تطور الجنين، من النطفة إلى العلقة، إلى المضغة، إلى العظام، إلى كمال التكوين الجنينى فى هذه السلالة التى تبدأ بالماء المهين. وإنها لرحلة هائلة حين ينظر إلى طبيعة التطورات التى بها تلك النقطة الضائعة من ذلك الماء المهين، حتى تصل إلى الإنسان المعقد البديع التكوين، وإنها لمسافة شاسعة ضخمة بين الطور الأول والطور الأخير (?).
ورد هذا الاسم فى آيات القرآن الكريم:
مرة واحدة فقط وذلك فى قوله تعالى: وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (الكهف: 60).
ومعناه: موضع اجتماع البحرين (?).