ولو كان الأطفال فى حين ولادتهم قد فطروا على شىء من الكفر والإيمان، ما انتقلوا عنه أبدا، بل قد نجدهم يؤمنون ثم يكفرون، أو يكفرون ثم يؤمنون.
قالوا: ويستحيل فى المعقول أن يكون الطفل فى حين ولادته يعقل كفرا أو إيمانا؛ لأن الله أخرجهم فى حال لا يفقهون معها شيئا، قال الله تعالى: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً (النحل:
78) فمن لا يعلم شيئا: استحال منه كفر أو إيمان، أو معرفة أو إنكار.
4 - ومن طريف ما قيل فى معنى «فطرة الله» ما قاله أبو بكر الوراق إنها: الفقر والفاقة، حيث إنه منذ ولد إلى حين يموت ...
فقير محتاج، نعم!! وفى الآخرة كذلك.
قال القرطبى: وهذا حسن (75).
القارعة فى اللغة: النازلة الشديدة، تنزل عليهم بأمر عظيم.
والمراد بها: القيامة. قال تعالى: الْقارِعَةُ (1) مَا الْقارِعَةُ (2) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (القارعة: 1 - 4)، سميت بذلك: لأنها تقرع الناس بأهوالها وشدائدها.
وقيل: القارعة هى: الداهية المهلكة، يقال:
قرعه أمر، إذا أتاه فجأة، وجمعه: قوارع، قال تعالى: وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ (الرعد: 31)، قال الأصمعى:
يقال أصابته قارعة، يعنى: أمرا عظيما يقرعه، ويقال: أنزل الله به قارعة ومقرعة (?).
وقيل: عنى بالقارعة العذاب الذى نزل بثمود وعاد فى الدنيا، وكان كل نبى من أنبيائهم يخوفهم بذلك فيكذبونه (79)، قال تعالى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ (4) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (الحاقة: 4 - 6).
وهو المذكور فى قوله تعالى وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (المؤمنون: 12، 13).
و (القرار): أى المستقر، وهو فى الأصل:
مصدر قرّ يقر قرارا، بمعنى: ثبت ثبوتا، والمراد به: الرحم، و (مكين): وصف له، أى: متمكن.
والمعنى: أن الرحم متمكنة، لا تنفصل لثقل حملها، أو لا تطرد ما فيها.