وكما تتعدد الروايات فى أسباب الآية الواحدة، فإنه قد تتعدد الآيات النازلة على سبب واحد.
مثال ذلك: ما أخرجه الحاكم (?) وصححه عن مجاهد، عن أم سلمة رضى الله عنها، قالت: «قلت يا رسول الله: يذكر الرجال، ولا يذكر النساء؟ فأنزل الله عز وجل: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ الآية- الأحزاب/ 35 - وأنزل: أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ آل عمران/ 195».
ومن هذا القبيل: ما ورد عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضى الله عنهما (?) قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى ظل حجرة، وقد كاد الظل أن يتقلص، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
«إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم بعين شيطان، فإذا جاءكم فلا تكلموه، فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل أزرق أعور، فقال حين رآه دعاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: علام تشتمنى أنت وأصحابك؟ فقال: ذرنى آتك بهم، فانطلق فدعاهم، فحلفوا ما قالوا وما فعلوا ...
فأنزل الله عز وجل: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ المجادلة/ 18».
وفى القصة نفسها أورد ابن جرير: عن ابن عباس رضى الله عنهما قوله: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم جالسا فى ظل شجرة، فقال: «إنه سيأتيكم إنسان، فينظر
إليكم بعينى شيطان، فإذا جاء فلا تكلموه». فلم يلبث أن طلع رجل أزرق، فدعاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: «علام تشتمنى أنت وأصحابك؟» فانطلق الرجل فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما فعلوا، حتى تجاوز عنهم، فأنزل الله عز وجل: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا التوبة/ 74» ثم نعتهم جميعا إلى آخر الآية (?).