أثر الجهل بسبب النزول

سبق فى بحث مسألة العبرة فى سبب النزول هل هى بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟ بيان اتفاق الجميع على شمول الحكم فى اللفظ العام لسبب النزول وغيره، وأن القائلين بقصر العام على سببه لا يقولون بقصر الحكم على ذلك السبب وانتفاء شموله لما عداه، لأن اللفظ العام الوارد فى الآية وإن ارتبط عند هؤلاء بمعين، وهو السبب الذى نزل عليه، إلا أن الحكم لا يرتبط عندهم بعمل ذلك المعين بذاته بل بنوعه، كل ما فى الأمر: هو التفريق فيما يتعلق باستفادة الحكم للسبب المعين وغيره.

فالقائلون بعموم اللفظ: يرون أن استفادة الحكم فى الجميع بطريق النص، والقائلون بخصوص السبب: يرون أن استفادة الحكم فى السبب بطريق النص، وفى غيره بطريق القياس.

ويتفرع عن ذلك: أنه إذا كان المعتبر فى تطبيق الحكم نوع العمل فى أفراده، لا صورة السبب بذاتها- وذلك لما بين صورة السبب وغيرها من التشابه- فإن الجهل بسبب النزول لا يتأتى أن يترتب عليه تعطيل العمل بالحكم الوارد فى الآية، فليس معنى عدم الوقوف على أن هذه الآية قد نزلت فى هذا الشخص بذاته، أو هذه الحادثة بعينها ألا يطبق الحكم الذى تضمنته على من وجدت فيه علة تطبيق هذا الحكم، وذلك يشبه أن يكون مسلّمة فى مجال الاستدلال الشرعى.

لكن البعض ذهب إلى أن عدم معرفة سبب نزول الآية يترتب على الجهل بمن نزلت فيه أولا، وبما أن صورة السبب هى الأصل الذى يقاس عليه، فإن العمل يتعذر فيمن نزلت فيه من جهة لعدم معرفته، ويتعذر فى غيره لتعذر إمكان القياس على المجهول من جهة أخرى، وبذلك يؤدى الجهل بسبب النزول على التحديد إلى تعطيل العمل بما تضمنته الآيات من أحكام.

وممن ذهب إلى ذلك: الشيخ محمد عبد العظيم الزرقانى رحمه الله تعالى، فنراه يقول فى معرض حديثه عن رأى من يقول بخصوص السبب لا بعموم اللفظ: «فآيات الظهار فى مفتتح سورة المجادلة سببها أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015