أخص من الأنواع لا مطابقة لها. وقد عده الإمام السيوطى فى كيفيات الوحى- وكذا الحافظ فى «الفتح» عدّه فى فنون الوحى الذى يأتى بحامل، وذكرا أنه يحتمل أن يرجع إلى إحدى الحالتين (أى الصلصلة وتمثل الملك رجلا). ولا يخفى أن التعبير بالاحتمال ونحوه لا يحصل النفث فيهما، بل يحتمل أن يكون فى حالة ثالثة مغايرة للحالتين.
وقد صرح الحافظ ابن حجر بأن للوحى حالات مغايرة لها، وهى: إما من صفة الوحى، كمجيئه كدويّ النحل، والنفث فى الروع، والإلهام، والرؤيا الصالحة، والتكليم ليلة الإسراء بلا واسطة. وإما من صفة حامل الوحى كمجيئه فى صورته التى خلقه الله عليها له ستمائة جناح، ورؤيته على كرسى بين السماء والأرض، وقد سدّ الأفق. (?)
أما عن (الوحى القرآنى) بخصوصه، فإن له خصائص فى نوعيته وكيفية تلقيه والحالة التى يتنزل بها على النبى صلّى الله عليه وسلم.
فالخصيصة الأولى: أن جميع القرآن قد تلقاه النبى صلّى الله عليه وسلم فى اليقظة، ولم يكن شىء منه فى المنام- على وجه الاستقلال- على القول الراجح والمعتمد لدى أساطين علماء التنزيل.
ولئن ذهب قوم إلى أن بعض الوحى القرآنى كان مناميا احتجاجا بما رواه مسلم عن سيدنا أنس أنه قال: «بينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟
فقال: أنزل علىّ آنفا سورة، فقرأ: «بسم الله الرحمن الرحيم. إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)».
فإن هذا مردود عليه: بما نقله الإمام السيوطى (¬53) عن الإمام الرافعى فى «أماليه» إذ قال: فهم فاهمون من الحديث أن السورة نزلت فى تلك الإغفاءة، وقالوا: من الوحى ما كان يأتيه فى النوم؛ لأن رؤيا الأنبياء وحى.
قال: وهذا (أى أن رؤيا الأنبياء وحى) صحيح، لكن الأشبه أن يقال: إن القرآن كله نزل فى اليقظة، وكأنه خطر له فى النوم سورة الكوثر المنزلة فى اليقظة، أو عرض عليه الكوثر الذى نزلت فيه السورة، فقرأها عليهم وفسّرها لهم.
ثم قال: وورد فى بعض الروايات أنه أغمى عليه، وقد يحمل ذلك على الحالة التى كانت تعتريه عند نزول الوحى، ويقال لها برحاء الوحى. انتهى.
(ثم عقّب الإمام السيوطى بقوله): قلت:
الذى قاله الرافعى فى غاية الاتجاه، وهو الذى كنت أميل إليه قبل الوقوف عليه،