قراءتنا (إلا صيحة)، فهذه الحجج مبطلة لمقالتهم؛ لأن ذلك لا يعنى اللغات السبع فى حرف واحد أو كلمة واحدة، بل يعنى اختلاف الألفاظ مع اتفاق المعانى. ثم طالب أصحاب هذا القول بحرف واحد من الكتاب مقروء بسبع لغات.
ثم انتقل للجواب عن السؤال: أين الأحرف السبعة الآن التى أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالقراءة بها. هل نسخت ورفعت؟ فأجاب بأنها لم تنسخ ولم تضيعها الأمة؛ لأن الأمة أمرت بحفظ القرآن وخيرت فى قراءته وحفظه بأى الأحرف السبعة شاءت، كالحال فى الحنث فى اليمين تأتى بأى الخصال الثلاث شئت، فتكون بذلك مصيبا
مكفّرا، وقد رأت الأمة لعلة من العلل، الثبات على حرف واحد دون سائر الحروف الستة الباقية. ثم ذكر أحاديث جمع القرآن، ثم ذكر أن هذه الأخبار التى يضيق عنها كتابه تكشف عن أن عثمان رضي الله عنه رأفة وشفقة بالأمة جمع الناس على حرف واحد لمنع الفتنة التى بدأت تظهر فى عصره من إنكار بعض الناس لبعض الحروف فى القرآن، فأطاعته الأمة فى ذلك ووافقت عليه. حتى آل الأمر الآن إلى أنه لا قراءة إلا بالحرف الواحد الذى اختاره إمام المسلمين وأمير المؤمنين للأمة ووافقت عليه الأمة فى عصره وأقرته.
ثم أجاب عن سؤال ملخصه كيف جاز للأمة ترك القراءة ببعض أحرف القرآن؟
فأجاب بأن القراءة بالأحرف السبعة كانت رخصة يباح استخدامها وليس فرضا؛ لأنه لو كان فرضا لوجب العلم بالأحرف السبعة على من تقوم الحجة بنقلهم، ولما لم يفعلوا ذلك علم عدم فرضيته.
أما جعل اختلاف القراءة فى ضبط الكلمات مفسرا لقوله صلّى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف». فيراه الطبرى غير صحيح؛ لأنهم اتفقوا على أن الخلاف فى مثل هذه التوجيهات والضبط لا يوجب تكفير الممارى فيه كما هو الحال فى الممارى فى الأحرف السبعة.
ثم أجاب عن تساؤل عن علمه بالأحرف السبعة التى نزل بها القرآن وألسنتها؟ فأجاب بأن الأحرف الستة الأخرى لا حاجة لنا بمعرفتها؛ لأننا إن عرفناها اليوم ما قرأنا بها للأسباب السابقة، وقيل: إن خمسة منها لعجز هوازن واثنين لقريش وخزاعة. وذكر روايات فى ذلك عن ابن عباس وذكر أنها لا يصح الاحتجاج بها (?). وهذا مجمل ما أتى به الطبرى من استدلال على رأيه.
وما قاله الطبرى واستدلّ به ليس مأخوذا عليه كله، بل منه ما نوافقه عليه وأخّرنا ذكره