ونقل عن ابن عبد البر أنه نقل عن بعض أهل العلم إنكارهم لأن تكون السبعة أحرف سبع لغات؛ لأن عمرو هشام بن حكيم أهل لغة واحدة ومع ذلك وقع بينهم الاختلاف (?).

ونرى أن ما احتج به ابن قتيبة لا ينهض حجة؛ لأن قوم النبى صلّى الله عليه وسلم العرب والناس كافة وليسوا قريشا فقط؛ لأنه أرسل للناس كافة.

وأما ما احتج به ابن عبد البر فيدفعه أن شأن القراءة هو التلقى عن النبى صلّى الله عليه وسلم لا فرق بين أن يكون المتلقون من لغة واحدة أو من عدة لغات.

وقد أجاد الآلوسي فى نقله لرد السيوطى على هذه الشبهة بأنه: هل من أحد يدعى أن الإنزال كان كما كان ثم أهل اللغات هذبوه ورشحوه بكلماتهم بعد الإذن لهم بذلك؟؛ ولذا لا يتصور اختلاف أهل اللغة الواحدة، والقبيلة الواحدة. ونقل عن الإمام السيوطى أن مرجع السبع الرواية لا الدراية بأن الصحابى قد يعى ما فى القراءة أو الرواية من لغات غير لغته وقد لا يدرى، ومن ثمّ قد ينكر أحد الراويين رواية وقراءة الآخر (?).

نعم، إن القول بأن السبعة أحرف سبع لغات قد يتحقق معه التيسير المراد من إنزال القرآن على سبعة أحرف، ولكن الحديث عن السبعة أحرف ليس قاصرا على الكلام عن التيسير فحسب، بل هناك مقامات بلاغية تختلف فيها أنظار العرب، وكذلك مقام الإيجاز مع التفسير لتحقيق حجة الإعجاز لفهم الخصم، ولو كان تعدد القراءات بمثابة تعدد الآيات لذهب مقصد الإيجاز وتضخم القرآن وعاد النقض على المقصود من التيسير؛ ولذا فهذا الوجه ليس عندى بمرتضى.

ويشتد القصور والسقوط عن درجة القبول فى القول القائل بالاقتصار على ضرب مخصوص من اللغات، وهو الألفاظ المترادفة وما يقاربها، وقد سبق أن نسبه القرطبى لأكثر أهل العلم. ولقد كان لأصحاب هذا القول حجج كثيرة أوضح من صرح بها وأطال فى سردها أبو جعفر الطبرى.

ولذا سنجمل ما جاء فى تفسيره من أدلة على هذا القول: فقد بدأ بإنكار وجود حرف فى كتاب الله قد قرئ بسبع لغات، وألزم الخصم بأنه لو قال بأن الأحرف السبعة سبع لغات مثبتة فى القرآن لما صحّ أن يقع الخلاف الوارد بين الصحابة فى القراءة، وإقرار النبى صلّى الله عليه وسلم لهم على هذا الخلاف. وذكر أن مجرد الجمع بين هذا القول وحججه مفسد له؛ لأن أصحاب هذا القول يحتجون بما روى عن الصحابة والتابعين أنه قال: هو بمنزلة قولك: (تعال) و (هلّم) و (أقبل)، أو هو بمثابة قراءة ابن مسعود (إلا زقية) وهى فى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015