المعنى اللغوي (للملك): (الملك، والمللك، والمليك، والمالك: ذو الملك.
قال ابن سيده: المَلْك، المُلك، المِلْك: احتواء الشيء والقدرة على الاستبدادية وتملكه: أي ملكه قهراً، وأملكه الشيء وملكه إياه تمليكاً: جعله ملكا له. وأملكوه زوجوه، شبه الزوج بملك عليها في سياستها. والملكوت مختص بملك الله تعالى وهو مصدر ملك، أدخلت فيه التاء نحو: جبروت ورهبوت ورحموت. قال تعالى: أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [الأعراف: 185]) (?).
معناه في حق الله تعالى:
قال ابن جرير رحمه الله تعالى: (المَلِك: الذي لا ملك فوقه ولا شيء إلا دونه) (?).
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: (وهو الله الذي لا إله إلا هو الملك أي: المالك لجميع الأشياء المتصرف فيها بلا مبالغة ولا مدافعة) (?).
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: (إن من أسمائه: (الملك)، ومعناه الملك الحقيقي ثابت له – سبحانه – بكل وجه، وهذه الصفات تستلزم سائر صفات الكمال. إذ من المحال ثبوت الملك الحقيقي التام لمن ليس له حياة ولا قدرة، ولا إرادة ولا سمع ولا بصر ولا كلام ولا فعل اختياري يقوم به، وكيف يوصف بالملك من لا يأمر ولا ينهي؛ ولا يثيب ولا يعاقب؛ ولا يعطي ولا يمنع؛ ولا يعز ولا يذل؛ ولا يهين ولا يكرم؛ ولا ينعم ولا ينتقم؛ ولا يخفض ولا يرفع، ولا يرسل الرسل إلى أقطار مملكته، ولا يتقدم إلى عبيده بأوامره ونواهيه؟ فأي ملك في الحقيقة لمن عدم ذلك؟
وبهذا يتبين أن المعطلين لأسمائه وصفاته: جعلوا مماليكه أكمل منه، ويأنف أحدهم أن يقال في أمره وملكه ما يقوله هو في ربه.
فصفة ملكه الحق مستلزمة لوجود ما لا يتم التصرف إلا به، والكل منه – سبحانه – فلم يتوقف كمال ملكه على غيره، فإن كل ما سواه مسند إليه؛ متوقف في وجوده على مشيئته وخلقه) (?).
وهذه المعاني التي تضمنها اسم الجلالة (الملك): هي ما يتم به حقيقة الملك، كما ذكر ذلك ابن القيم – رحمه الله تعالى – في موطن آخر حيث يقول: (إن حقيقة الملك: إنما تتم بالعطاء والمنع؛ والإكرام والإهانة؛ والإثابة والعقوبة؛ والغضب والرضا؛ والتولية والعزل؛ وإعزاز من يليق به العز، وإذلال من يليق به الذل. قال تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ [آل عمران: 26 - 27]، وقال تعالى: يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [الرحمن: 29].
يغفر ذنبا؛ ويفرج كربا؛ ويكشف غما، وينصر مظلوماً؛ ويأخذ ظالماً، ويفك عانيا؛ ويغني فقيراً، ويجبر كسيراً؛ ويشفي مريضاً، ويقيل عثرة؛ ويستر عورة، ويعز ذليلاً؛ ويذل عزيزاً؛ ويعطي سائلاً، ويذهب بدولة ويأتي بأخرى؛ ويداول الأيام بين الناس؛ ويرفع أقواماً ويضع آخرين، ويسوق المقادير التي قدرها قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام إلى مواقيتها؛ فلا يتقدم شيء منها عن وقته ولا يتأخر، بل كل منها قد أحصاه كما أحصاه كتابه؛ وجرى به قلمه؛ ونفذ فيه حكمه؛ وسبق به علمه، فهو المتصرف في الممالك كلها وحده؛ تصرف ملك قادر قاهر، عادل رحيم، تام الملك؛ لا ينازعه في ملكه منازع؛ ولا يعارضه فيه معارض، فتصرفه في المملكة دائر بين العدل والإحسان؛ والحكمة والمصلحة والرحمة؛ فلا يخرج تصرفه عن ذلك) (?). ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها لعبد العزيز بن ناصر الجليل – ص: 358