- المقيت

قال ابن جرير رحمه الله تعالى: (اختلف أهل التأويل في تأويل قوله تعالى: وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا، فقال بعضهم في تأويله: وكان الله على كل شيء حفيظاً وشهيداً.

وقال آخرون معنى ذلك: القائم على كل شيء بالتدبير، وقال آخرون: هو القدير.

ثم قال: والصواب من هذه الأقوال: قول من قال: معنى المقيت: القدير وذلك أن ذلك فيما بلغه يذكر كذلك بلغة قريش، وينشد للزبير بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم:

وذي ضغن كففت النفس عنه ... وكنت على مساءته مقيتاً

أي: قادراً) (?).

وقال الخطابي: (المقيت بمعنى القدير، والمقيت أيضاً: معطي القوت) (?).

وقال ابن العربي: (وعلى القول بأنه (القادر) يكون من صفات الذات، وإن قلنا إنه اسم للذي يعطي القوت فهو اسم للوهاب والرزاق ويكون من صفات الأفعال) (?).

وقال القرطبي –رحمه الله- في التفسير: (وقال أبو عبيدة: المقيت الحافظ، وقال الكسائي: المقيت المقتدر.

وقال النحاس: وقل أبي عبيدة أولى لأنه مشتق من القوت، والقوت معناه مقدار ما يحفظ الإنسان) (?).

وقال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: (المقيت الذي أوصل إلى كل موجود ما به يقتات، وأوصل إليها أرزاقها وصرفها كيف يشاء بحكمته وحمده) (?).

وقال الراغب: (وقاته يقيته قوتاً أطعمه قوته، وأقاته يقيته جعل له ما يقوته وفي الحديث الشريف ((كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت)). وقيل: مقتدراً، وقيل: حافظاً، وقيل: شاهداً، وحقيقته قائماً عليه يحفظه ويقيته) (?)، وفي الحديث: ((اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً)).

ويبدو أن هناك فرقاً بين اسم المقيت واسم الرزاق، فالمقيت أخص من الرزاق؛ لأنه يختص بالقوت، أما الرزاق فيتناول القوت وغير القوت.

فالمقيت سبحانه يقدر حاجة الخلائق بعلمه، ثم يسوقها إليهم بقدرته، ليقيتهم بها ويحفظهم. قال الله عز وجل: وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا [فصلت: 10].

قال ابن كثير رحمه الله تعالى عند هذه الآية: (وقدر فيها أقواتها وهو ما يحتاج أهلها إليه من الأرزاق والأماكن التي تزرع وتغرس) (?). ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها لعبد العزيز بن ناصر الجليل – ص: 687

طور بواسطة نورين ميديا © 2015