قال الله تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ [الحشر:23] (القدوس، السلام) معناهما متقاربان، فإنَّ القدوس مأخوذ من قدَّس بمعنى: نزَّهه وأبعده عن السوء مع الإجلال والتعظيم والسلام مأخوذ من السلامة فهو سبحانه السالم من مماثلة أحد من خلقه، ومن النقص، ومن كل ما ينافي كماله (?) فهو المقدَّس المعظَّم المنزه عن كل سوء، السالم من مماثلة أحد من خلقه ومن النقصان ومن كل ما ينافي كماله فهذا ضابط ما ينزه عنه: ينزه عن كل نقص بوجه من الوجوه، وينزه ويعظم أن يكون له مثيل، أو شبيه أو كفوء، أو سمي، أو ند، أو مضاد، وينزه عن نقص صفة من صفاته التي هي أكمل الصفات وأعظمها وأوسعها ومن تمام تنزيهه عن ذلك إثبات صفات الكبرياء والعظمة له، فإنَّ التنزيه مراد لغيره ومقصود به حفظ كماله عن الظنون السيئة كظن الجاهلية الذين يظنون به ظن السوء، ظن غير ما يليق بجلاله، وإذا قال العبد مثنيا على ربه: (سبحان الله) أو (تقدس الله) أو (تعالى الله) ونحوها كان مثنياً عليه بالسلامة من كل نقص وإثبات كل كمال (?)
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في اسم (السلام): الله أحق بهذا الاسم من كل مسمىً به، لسلامته سبحانه من كل عيب ونقص من كل وجه، فهو السلام الحق بكل اعتبار، والمخلوق سلام بالإضافة، فهو سبحانه سلام في ذاته عن كل عيب ونقص يتخيله وهم، وسلام في صفاته من كل عيب ونقص، وسلام في أفعاله من كل عيب ونقص وشر وظلم وفعل واقع على غير وجه الحكمة، بل هو السلام الحق من كل وجه وبكل اعتبار، فعلم أن استحقاقه تعالى لهذا الاسم أكمل من استحقاق كل ما يطلق عليه، وهذا هو حقيقة التنزيه الذي نزه به نفسه، ونزهه به رسوله شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف القحطاني - ص140