ويقول أيضاً: وأن كل ما في القرآن من أمور الجنة من أكلٍ وشربٍ وجماعٍ، والحور العين، والولدان المخلدين، ولباسٍ وعذابٍ في النار بالزقوم والحميم، والأغلال وغير ذلك فكله حق ... فمن خالف شيئاً من هذا فقد خرج عن الإسلام، لخلافه القرآن والسنن والإجماع (?).
ويحكي ابن حزم الإجماع قائلاً: وأن الجنة حق، وأنها دار نعيم أبداً لا تفنى، ولا يفنى أهلها بلا نهاية، وأنها أعدت للمسلمين والنبيين المتقدمين، وأتباعهم على حقيقة، كما أتوا به قبل أن ينسخ الله أديانهم بدين الإسلام.
وأن النار حق، وأنها دار عذاب أبداً لا تفنى ولا يفنى أهلها أبداً بلا نهاية وأنها أُعدّت لكل كافر مخالف لدين الإسلام ... (?).
ويقول البقاعي: اعلم أنه ثبت بالدلائل العقلية والسمعية وإجماع المسلمين أن قول الله حق، وخبره صدق، ذلك واجب له لذاته سبحانه وتعالى، ومن أنكر أن خبر الله حق، أو أن وعده ووعيده صدق فهو كافر بإجماع المسلمين (?).
ومما قاله الشوكاني في هذه المسألة: علماء الملّة الإسلامية مجمعون على ذلك (يعني على إثبات المعاد الجسماني، وإثبات اللذات الجسمانية والنفسانية في الجنة ... )، لا يخالف منهم فيه مخالف، ونصوص القرآن من فاتحته إلى خاتمته مصرحة بإثبات المعاد الجسماني، وإثبات تنعم الأجسام فيه بالمطعم والمشرب والمنكح وغير ذلك، أو تعذيبها بما اشتمل عليه القرآن من تلك الأنواع المذكورة فيه، وهكذا النصوص النبوية المحمدية مصرحة بذلك تصريحاً يفهمه كل عاقل، بحيث لو جمع ما ورد في ذلك منها لجاء مؤلفاً بسيطاً (?).
- والآن نسوق جملة من أقوال أهل العلم في تكفير منكر الوعد أو الوعيد، أو المستهزئ بهما ...
فذكر ابن نجيم كفر من أنكر الجنة أو النار أو الحساب، كما يكفر من أنكر الوعد والوعيد (?).
وجاء في (الفتاوى البزازية): أو أنكر وعداً أو وعيداً يكفر، إذا كان الجزاء ثابتاً بالقطع (?).
ويقول محمد بن إسماعيل الرشيد: واعلم أن من أنكر القيامة، أو الجنة، أو النار، أو الصراط، أو الحساب، أو الصحائف المكتوبة فيها أعمال العباد كفر ... (?).
وكفّر أبو حامد الغزالي من زعم أن الجنة لذة روحية، وأن النار شقاء نفسي ... ثم قال: والذي نختاره ونقطع به أنه لا يجوز التوقف في تكفير من يعتقد شيئاً من ذلك؛ لأنه تكذيب صريح لصاحب الشرع، والجميع كلمات القرآن من أولها إلى آخرها، فوصف الجنة والنار لم يتفق ذكره مرة واحدة أو مرتين، ولا جرى بطريق كناية أو توسع وتجوّز، بل بألفاظ صريحة لا يتمارى فيها ولا يُستراب (?).
وقال الشربيني: ويكفر إن أنكر الجنة، أو النار، أو الحساب، أو الثواب، أو العقاب، أو أقر بها لكن قال: المراد بها غير معانيها (?).
ويقول ابن تيمية: وقد يقول حذّاق هؤلاء من الإسماعيلية والقرامطة، وقوم يتصوفون، أو يتكلمون وهم غالية المرجئة: إن الوعيد الذي جاءت به الكتب الإلهية إنما هو تخويف للناس لتنزجر عما نهيت عنه من غير أن يكون له حقيقة ... وهؤلاء هم الكفار برسل الله وكتبه واليوم الآخر، المنكرون لأمره، ونهيه، ووعده ووعيده (?).
وذكر البهوتي أن ما مما يوجب الردة: السخرية بالوعد، أو الوعيد (?). نواقض الإيمان القولية والعملية لعبد العزيز بن محمد بن علي العبداللطيف –ص: 231