قال الحافظ ابن كثير- رحمه الله – في تعريف الفترة: (هي ما بين كل نبيين كانقطاع الرسالة بين عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم) (?).
وقال الألوسي في تفسيره: (أجمع المفسرون بأن الفترة هي انقطاع ما بين رسولين) (?) وأهل الفترة: (هم الأمم الكائنة بين أزمنة الرسل الذين لم يرسل إليهم الأول، ولا أدركوا الثاني كالأعراب الذين لم يرسل إليهم عيسى ولا لحقوا النبي صلى الله عليه وسلم .. ) (?) ثم صار يطلق عند كثير من العلماء على كل من لم تبلغهم الدعوة، بما فيهم أطفال المشركين (?).
ومن باب الاختصار سأكتفي بعرض لأهم الأقوال ثم بيان القول الراجح في هذه المسألة ...
أقوال العلماء في المسألة:
اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال كثيرة ومن أشهرها:
الأول: أن من مات ولم تبلغه الدعوة مات ناجياً، قال السيوطي – رحمه الله-: (وقد أطبقت أئمتنا الأشاعرة من أهل الكلام والأصول، والشافعية من الفقهاء على أن من مات ولم تبلغه الدعوة يموت ناجياً) (?) ونص بعض الأئمة على دخول أطفال المشركين الجنة- دون غيرهم من أهل الفترة – كالإمام ابن حزم حين قال: (وذهب جمهور الناس إلى أنهم في الجنة وبه نقول) (?). والنووي (?)، والحافظ ابن حجر العسقلاني وذكر أنه ترجيح البخاري (?)، والإمام القرطبي (?) والإمام ابن الجوزي (?).
الثاني: أن من مات ولم تبلغه الدعوة فهو في النار، قال الإمام ابن القيم – رحمه الله- (وهو قول جماعة من المتكلمين، وأهل التفسير، وأحد الوجهين لأصحاب أحمد وحكاه القاضي نصا عن أحمد، وغلطه شيخنا.) (?) كما هو قول جماعة من أصحاب أبي حنيفة (?).
الثالث: الوقف في أمرهم، وقد يعبر عنه بأنهم تحت المشيئة (?) (وهو منقول عن الحمادين وابن المبارك وإسحاق بن راهويه، وقال ابن عبد البر: وهو مقتضى صنيع مالك وليس عنده في المسألة شيء منصوص، إلا أن أصحابه صرحوا بأن أطفال المسلمين في الجنة، وأطفال الكفار خاصة في المشيئة) (?).