الأصل العاشر: أعمال الجوارح تابعة لأعمال القلوب ولازمة لها

قال ابن القيم عن أعمال القلوب -: (هي الأصل المراد المقصود، وأعمال الجوارح تبع ومكملة ومتممة، وأن النية بمنزلة الروح، والعمل بمنزلة الجسد للأعضاء، الذي إذا فارق الروح فموات، وكذلك العمل إذا لم تصحبه النية فحركة عابث. فمعرفة أحكام القلوب أهم من معرفة أحكام الجوارح؛ إذ هي أصلها، وأحكام الجوارح متفرعة عليها) (?).

وقال شيخ الإسلام: (ثم القلب هو الأصل، فإذا كان فيه معرفة وإرادة سرى ذلك إلى البدن بالضرورة، لا يمكن أن يتخلف البدن عما يريده القلب؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت، فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب)) (?).

وقال أبو هريرة: القلب ملك والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث الملك خبثت جنوده.

فإذا كان القلب صالحاً بما فيه من الإيمان علماً وعملاً قلبياً لزم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق، كما قال أئمة أهل الحديث: قول وعمل، قول باطن وظاهر، وعمل باطن وظاهر، والظاهر تابع للباطن لازم له، متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد فسد) (?).

وقال – أيضا -: ( ... وشرح حديث جبريل الذي فيه بيان أن الإيمان أصله في القلب، وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، كما في المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الإسلام علانية، والإيمان في القلب)) (?)، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب)) (?). فإذا كان الإيمان في القلب، فقد صلح القلب، فيجب أن يصلح سائر الجسد، فلذلك هو ثمرة ما في القلب؛ فلهذا قال بعضهم: الأعمال ثمرة الإيمان.

وصحته – أي الجسد – لما كانت لازمة لصلاح القلب دخلت في الاسم، كما نطق بذلك الكتاب والسنة في غير موضع) (?).

وقال – أيضاً -: (وفصل الخطاب في هذا الباب: أن اسم الإيمان قد يذكر مجرداً، ويذكر مقروناً بالعمل أو بالإسلام) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015