وقال أيضاً: (ومعنى التصديق: هو المعرفة بالله، والاعتراف له بالربوبية، وبوعده، ووعيده، وواجب حقه، وتحقيق ما صدق به من القول والعمل) (?).

وقال ابن القيم رحمه الله: (ومن تأمل ما في السير والأخبار الثابتة من شهادة كثير من أهل الكتاب والمشركين له صلى الله عليه وسلم بالرسالة؛ وأنه صادق، فلم تدخلهم هذه الشهادة في الإسلام، علم أن الإسلام أمر وراء ذلك، وأنه ليس هو المعرفة فقط، ولا المعرفة والإقرار فقط، بل المعرفة والإقرار، والانقياد، والتزام طاعته ودينه ظاهرا وباطنا) (?).

فتبين من خلال هذه النقول أنه لا فرق بين المعرفة والتصديق المجرد.

المسألة الثانية: المراد باعتقاد القلب

الاعتقاد في اللغة مصدر عقد يعقد عقدا، مأخوذ من العقد، والربط، والشد بقوة (?).

وأما اعتقاد القلب عند السلف الصالح فهو يتضمن ركنين قلبيين:

الأول: المعرفة والعلم والتصديق. ويطلق عليه قول القلب، وهذا المعنى عندما يقترن الاعتقاد بعمل القلب (?).

الثاني: الالتزام والانقياد والتسليم. ويطلق عليه عمل القلب، وهذا المعنى للاعتقاد عند السلف إذا جاء مفردا.

وبهذا يتبين أن من قال من السلف بأن الإيمان اعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح. فمراده بالاعتقاد هنا قول القلب وعمله.

ولهذا بوّب الإمام ابن منده رحمه الله في كتابه الإيمان بابا بعنوان: (ذكر خبر يدل على أن الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالأركان، يزيد وينقص) (?).

وكذا بوّب الإمام اللالكائي رحمه الله بقوله: (سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الإيمان تلفظ باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح) (?). ثم ذكر الأدلة الدالة على أنه اعتقاد بالقلب.

وتقدم أن من أقوال السلف وأئمة السنة في تفسير الإيمان، أنهم تارة يقولون: قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح (?).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وكذلك قول من قال: اعتقاد بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح. جعل القول والعمل اسما لما ظهر، فاحتاج أن يضم إلى ذلك اعتقاد القلب. ولابد أن يدخل في قوله: اعتقاد القلب؛ أعمال القلب المقارنة لتصديقه مثل حب الله، وخشية الله، والتوكل عليه، ونحو ذلك) (?).

وأما إذا ذكر الاعتقاد مع عمل القلب، فإنه يراد به عند السلف قول القلب.

المسألة الثالثة: المراد بإقرار القلب:

إقرار القلب يطلق على شيئين:

الأول: على قول القلب. وهذا عند ذكره مع عمل القلب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015