المبحث الثالث: تعريف توحيد الربوبية اصطلاحاً

هو الإقرار الجازم بأن الله تعالى رب كل شيء ومليكه، وخالقه، ومدبره، والمتصرف فيه، لم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، ولا راد لأمره، ولا معقب لحكمه، ولا مضاد له (ولا مماثل له)، (ولا سمي له)، ولا منازع في شيء من معاني ربوبيته ومقتضيات أسمائه وصفاته. أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة لحافظ بن أحمد الحكمي– ص: 30

ومنهم من عرفه بأنه: الاعتقاد بأن الله هو الخالق الرازق المدبر لكل شيء وحده لا شريك له (?).

وهو يشتمل على ما يلي:

1 - الإيمان بوجود الله تعالى.

2 - الإقرار بأن الله تعالى خالق كل شيء، ومالكه، ورازقه، وأنه المحيي، المميت، النافع، الضار، المتفرد بإجابة الدعاء، الذي له الأمر كله، وبيده الخير كله، القادر على ما يشاء، المقدر لجميع الأمور، المتصرف فيها، المدبر لها، ليس له في ذلك كله شريك (?).

وقد تكاثرت الأدلة في القرآن والسنة في إثبات الربوبية لله تعالى، فكل نص ورد فيه اسم (الرب) أو ذكر فيه خصيصة من خصائص الربوبية، كالخلق، والرزق، والملك، والتقدير، والتدبير، وغيرها فهو من أدلة الربوبية، كقوله تعالى: الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة: 2]، وكقوله سبحانه: أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ [الأعراف: 54]، وكقوله جل وعلا: قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ [المؤمنون: 88] (?)، والملكوت: الملك.

وقد أمر الله العباد بالنظر والتفكر في آيات الله الظاهرة من المخلوقات العلوية والسفلية، ليستدلوا بها على ربوبيته سبحانه وتعالى. تسهيل العقيدة الإسلامية لعبد الله بن عبد العزيز الجبرين– ص: 41

فالرب هو المالك كما قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ [الحشر: 23] ويقول: وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا [المائدة: 17]، وقال: فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [يس: 83].

والرب هو الخالق البارئ المصور كما قال عن نفسه: هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ [الحشر: 24]، فلا خالق سواه، وهو الذي برأ الخلق فأوجدهم بقدرته المصور خلقه كيف شاء وكيف يشاء (?).

والرب هو المبدئ والمعيد كما قال: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ [الروم: 27]، فهو الذي ابتدأ الأشياء كلها فأوجدها، إذ هو الأول الذي ليس قبله شيء، ثم هو يعيدها سبحانه.

والرب هو المحيي والمميت، الذي أحيا بأن خلق فيهم الحياة، والذي خلق الموت كما خلق الحياة. كما قال تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك: 2] ويقول: لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ [الدخان: 8].

والرب هو النافع الضار، قال تعالى: وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا [يونس: 21] وقال: قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا [الفتح: 11].

والرب هو المعطي المانع كما قال تعالى: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ [فاطر: 2]، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في دعائه بعد الفراغ من الصلاة: ((اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت)) (?).

والرب هو المدبر لأمر هذا الكون كما قال: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ [يونس: 36]. وقال: وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ [يونس: 31]، وقال يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ [الرعد: 2].

والرب هو الخالق الرازق القوي القدير كما قال تعالى: قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الرعد: 16]، وقال هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ [فاطر: 9] وقال: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات: 58]، وقال: إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة: 20]. منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى لخالد عبد اللطيف – 1/ 227

طور بواسطة نورين ميديا © 2015