ومن البشارات بنبينا محمد في الزبور لداود عليه السلام ما لفظه (إن ربنا عظيم محمود جدا ومحمد قد عم الأرض كلها فرحاً). انتهى.

ففي هذا التصريح باسمه, ومن ذلك قوله فيه: (بارك عليك إلى الأبد, ويقلد أبونا الجبار السيف, لأن البهاء لوجهك, والحمد الغالب عليك, اركب كلمة الحق, وسمت التأله, فإن ناموسك وشرائعك معروفة بهيبة يمينك, وسهامك مسنونة, والأمم يخرون تحتك). انتهى.

وهذه صفات نبينا فإنه لم يبعث نبي هذه صفته بعد داود سواه, ومثل هذا قوله في موضع آخر: (ويجوز من البحر إلى البحر, ومن لدن الأنهار إلى منقطع الأرض, وتخزى أهل الجزائر بين يديه, ويلحس أعداؤه التراب, ويسجد له ملوك الفرس, وتدين له الأمم بالطاعة والانقياد, ويخلص البائس المضطهد ممن هو أقوى منه, وينقذ الضعيف الذي لا ناصر له, ويرأف بالمساكين والضعفاء, ويصلي عليه ويبارك في كل حين). انتهى.

وهذه الصفات أيضاً ليست لأحد من الأنبياء غيره, فإنه لم يملك أحد منهم من البحر إلى البحر, ومن لدن الأنهار إلى منقطع الأرض كما ذلك معلوم لكل أحد, بل الذي انتشرت شريعته, وبلغت سيوف أمته إلى هذا المقدار هو نبينا صلى الله عليه وسلم, وهكذا قوله: (ويسجد له ملوك الفرس) فإنه لم يفتح الفرس, ويستعبد أهلها, ويضرب عليهم الجزية إلا أمة نبينا, وهكذا قوله: (وتدين له الأمم بالطاعة والانقياد) فإنها لم تدن الأمم كلها لغيره, وهكذا قوله: (ويصلى عليه ويبارك في كل حين) فإن هذا يختص بنبينا لاستمرار ذلك له في كل وقت, ووقوع الأمر القرآني به, ولم يكن ذلك لغيره من الأنبياء, ومن البشارات ما ذكره أشعيا في كتاب نبوته من التبشير براكب الحمار, وراكب الجمل, ولا شك أن راكب الحمار هو المسيح, وراكب الجمل هو نبينا صلى الله عليه وسلم.

وفي نبوة أشعيا أيضاً قوله: (إني جعلت أمرك يا محمد يا قدوس الرب اسمك موجود من الأبد) انتهى. وهذا تصريح باسم نبينا صلى الله عليه وسلم, ومثل هذا قول حبقوق النبي في كتاب نبوته: (أضاءت السماء من بهاء محمد, وامتلأت الأرض من شعاع منظره) وكذا قوله في موضع آخر من كتاب نبوته: (وتنزع في مسيك إعراقاً ونزعاً, وترتوي السهام بأمرك يا محمد ارتواء) فإن هذا تصريح أوضح من الشمس, ومن البشارات قول حزقيال النبي في كتاب نبوته مهدداً لليهود: (وأن الله يظهرهم عليكم, وباعث فيهم نبياً, وينزل عليهم كتاباً, ويملكهم رقابكم, فيقهرونكم, ويذلونكم بالحق, ويخرج رجال بني قيذار في جماعات الشعوب, معهم ملائكة على خيل بيض) انتهى.

ففي هذا التصريح ببعثة نبينا صلى الله عليه وسلم وقهر أمته للأمم, فإن قيذار هو ابن إسماعيل بن إبراهيم بلا خلاف, ولم يبعث الله فيهم نبياً إلا نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم, وهذا معلوم لكل أحد لا يخالف فيه مخالف, ولا ينكره منكر.

ومن البشارات ما في كتاب نبوة دانيال النبي, فإنه صرح فيها باسم النبي بمثل ما تقدم في نبوة حبقوق فقال: (ستنزع في مسيك إعراقاً, وترتوي السهام بأمرك يا محمد ارتواء) انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015