وقال ابن خويز منداد – من أئمة المالكية-: (أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع: أشعريا كان، أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبدا، ويهجر ويؤدب على بدعته، فإن تمادى عليه استتيب منها) (?).
وقال يونس بن عبد الأعلى: (سمعت الشافعي – يوم ناظره حفص الفرد – قال لي: يا أبا موسى لأن يلقى الله عز وجل العبد بكل ذنب ما خلا الشرك، خير من أن يلقاه بشيء من الكلام، لقد سمعت من حفص كلاما لا أقدر أن أحكيه) (?).
وأيضا – قال الشافعي رحمه الله: (حكمي في أصحاب الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويحملوا على الإبل، ويطاف بهم في العشائر والقبائل؛ فينادى عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأخذ في الكلام) (?).
وقال الإمام أحمد رحمه الله: (إنه لا يفلح صاحب كلام أبدا، ولا تكاد ترى أحدا نظر في الكلام إلا وفي قلبه دغل) (?).
وقال أبو محمد بن حزم رحمه الله: ( .. فلم يسع مسلما يقر بالتوحيد أن يرجع عند التنازع إلى غير القرآن والخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أن يأبى عما وجد فيهما، فإن فعل ذلك بعد قيام الحجة عليه فهو فاسق، وأما من فعله مستحلا للخروج عن أمرهما، وموجبا لطاعة أحد دونهما فهو كافر لا شك عندنا في ذلك) (?).
وقال رحمه الله - في موضع آخر – عقب قوله تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا [النساء: 61] قال: (فليتق الله – الذي إليه المعاد – امرؤ على نفسه، ولتوجل نفسه عند قراءة هذه الآية، وليشتد إشفاقه من أن يكون مختارا للدخول تحت هذه الصفة المذكورة المذمومة الموبقة الموجبة للنار، فإن من ناظر خصمه في مسألة من مسائل الديانة وأحكامها التي أمرنا بالتفقه فيها، فدعاه خصمه إلى ما أنزل الله تعالى وإلى كلام الرسول فصده عنهما، ودعاه إلى قياس، أو إلى قول فلان وفلان، فليعلم أن الله عز وجل قد سماه منافقا. نعوذ بالله من هذه المنزلة المهلكة) (?). منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة لعثمان علي حسن - 2/ 719