فقد ذكر أهل العلم أنه إنما خص يونس عليه السلام بالذكر لما يخشى على من سمع ما قصه الله علينا من شأنه وما كان من قلة صبره، ونهي نبينا عليهما الصلاة والسلام عن أن يكون مثله، من أن يقع في نفسه تنقيص له، فبالغ صلى الله عليه وسلم في ذكر فضل يونس عليه السلام لسد هذه الذريعة (?). إلا أن هناك من خرج بهذه العلة للنهي عن حدها فأطلق حكم النهي لمطلق هذه العلة، فجعل النهي مطلقاً لهذه العلة، فقال كما نقل القرطبي: (لا يقال: النبي أفضل من الأنبياء كلهم ولا من فلان ولا خير، كما هو ظاهر النهي، لما يتوهم من النقص في المفضول، لأن النهي اقتضى منع إطلاق اللفظ لا منع اعتقاد ذلك المعنى، فإن الله تعالى أخبر بأن الرسل متفاضلون, فلا تقول: نبينا خير من الأنبياء، ولا من فلان النبي، اجتناباً لما نهي عنه, وتأدباً به وعملاً باعتقاد ما تضمنه القرآن من التفضيل) (?).

وظاهر هذا الكلام أن المراد من النهي – عند قائله – هو منع تعيين المفضول، لا تفضيل بعض النبيين على بعض في الجملة كما في آخر النقل، ... ، ثم جعل العلة من عدم تعيين المفضول هي دفع توهم نقص المفضول كما في أول النقل، وظاهر هذا جعل تعيين المفضول موهماً نقصه، هكذا بهذا الإطلاق وهو خطأ، ويكفي في الجواب عن القول بألا يقال النبي أفضل من الأنبياء أن يورد حديث أبي هريرة في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((فضلت على الأنبياء بست)) الحديث (?) .. مباحث المفاضلة في العقيدة لمحمد بن عبدالرحمن الشظيفي – ص 158

طور بواسطة نورين ميديا © 2015