وعليه، فكل أحد وإن تأخر زمانه عن عصر السلف، لكنه التزم منهاجهم في العلم والعمل فهو منهم، وسلفي معهم، فالمرء مع من أحب. قال أبو الوفاء ابن عقيل رحمه الله لبعض أصحابه: (أنا أقطع أن الصحابة ماتوا وما عرفوا الجوهر والعرض، فإن رضيت أن تكون مثلهم فكن مثلهم، وإن رأيت أن طريقة المتكلمين أولى من طريقة أبي بكر وعمر فبئس ما رأيت) (?).
النتيجة التاسعة: عدم صحة الإيمان المشروط:
الالتزام بهذا المنهج يقرر عدم صحة الإيمان كمن يقول: أنا لا أؤمن بخبر الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أعلم انتفاء المعارض العقلي، أو أنا لا أؤمن حتى تصدق خبره رؤيا منام، أو كشف، أو ذوق، أو حس (التجربة المعملية) أو نحو ذلك من الشرائط، فهذا إيمان لا يصح، وصاحبه فيه شبه من الذين: وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ [الأنعام: 124] والذين قالوا: وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ [البقرة: 55].
فالواجب على الإنسان – إذا تبين له صدق الرسول – أن يؤمن بالله ورسالاته إيمانا مطلقا غير مشروط، ولا متعلق بشيء من خارج. ولهذا كان شعار أهل الإيمان، سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا [البقرة: 285] وشعار أهل الكفر والطغيان: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا [البقرة: 93].
النتيجة العاشرة: تكثير الصواب وتقليل الخطأ:
الاعتماد على الكتاب والسنة وإجماع الأمة في الاستدلال يقلل الخطأ ويكثر الصواب والتوفيق، وهذا الخطأ يكون بسبب نقص علم المستدل أو قصور فهمه، أو سوء قصده، وهذا قد يوجد في بعض أهل السنة (ففي بعضهم من التفريط في الحق، والتعدي على الخلق ما قد يكون بعضه خطأ مغفورا، وقد يكون منكرا من القول وزورا، وقد يكون من البدع والضلالات التي توجب غليظ العقوبات؛ فهذا لا ينكره إلا جاهل أو ظالم .. ) لكن – مع ذلك – هم بالنسبة إلى غيرهم - في ذلك – كالمسلمين بالنسبة إلى بقية الملل، فكل شر يكون في بعض المسلمين فهو في غيرهم أكثر، وكل خير يكون في غيرهم فهو فيهم أعلى وأعظم، وهكذا أهل الحديث والسنة بالنسبة إلى غيرهم من طوائف المسلمين (?): يعرفون الحق ويرحمون الخلق، أما أهل البدع فيكذبون بالحق ويكفرون الخلق، فلا علم ولا رحمة .. (?).
النتيجة الحادية عشرة: الاستغناء بالكتاب والسنة عما سواهما: