القاعدة العشرون: الحيدة عن الجواب ضرب من الانقطاع

الحيدة: جواب السائل بغير ما سأل عنه، كأن يقول لك قائل: من أين جئت؟ فتقول له: حضرت الآن. فهذا ليس جوابه: ومثال الحيدة في كتاب الله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه: قال تعالى: إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ [الشعراء: 70 - 73] فصاروا بين أمرين: أن يقولوا بالإيجاب، وليس لهم حجة على ذلك إلا مجرد الدعوى، أو يقولوا بالنفي فتظهر حجة إبراهيم عليهم، فلما أدركوا أن أيا من الأمرين لا يصلح جواباً يخلصهم، حادوا عن الجواب فـ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ [الشعراء: 74] وهذا ليس جواب إبراهيم عليه السلام، وإنما حيدة وانقطاع (?).

ومن أمثلة حيدة أهل البدع ما أجاب به بشر المريسي عبد العزيز المكي حين سأله: هل لله علم؟ فقال بشر: الله لا يجهل (?)، لأنه أدرك إن هو أجاب بالإثبات فقد أبطل حجته في كون القرآن مخلوقاً، لأنه لا يستطيع أن يقول: علم الله مخلوق، والقرآن من علم الله.

وإن أجاب بالنفي كان ذلك منه تكذيباً صريحاً بنصوص التنزيل, فحاد عن الجواب لئلا يلزمه أحد الوجهين. فشهد المأمون عليه بالانقطاع. منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد لعثمان بن علي بن حسن– 2/ 689

طور بواسطة نورين ميديا © 2015