الخصمان إما أن يتفقا على أصل يرجعان إليه أم لا، فإن لم يتفقا على شيء، لم تقع بمناظرتهما فائدة، وإذا كانت الدعوى لابد لها من دليل، وكان الدليل عند الخصم متنازعاً فيه، ليس عنده بدليل، صار الإتيان به عبثاً، لا يفيد فائدة ولا يحصل مقصوداً، إذ مقصود المناظرة رد الخصم إلى الصواب بطريق يعرفه، فلابد من الرجوع إلى دليل يعرفه الخصم السائل، معرفة الخصم المستدل:
ولهذا كان الرجوع عند المسلمين إلى الكتاب والسنة، لاتفاقهم عليهما، وكان المرجوع إليه عند التنازع مع غير المسلمين ما يسلم به الكفار، كما قال تعالى: - في محاجة الكفار -: قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [المؤمنون: 84 - 90] (?).