وأما ما عظم من الأماكن والأزمان والاجتماعات، كالقبور، وبعض الأيام كيوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وغيره، والاجتماع فيه كالاحتفال بالإسراء والمعراج، وذكرى الهجرة النبوية، ونحو ذلك. فهي من البدع المنكرة المحرمة كما قال صلى الله عليه وسلم: ((وكل بدعة ضلالة)) ولو كان هذا الأمر مشروعاً لشرعه الله ورسوله، ولفعله من بعده من الصحابة والتابعين وتابعيهم، فلما لم يكن شيء من ذلك دل على أنه ليس مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم لاسيما وأن دين الله قد كمل وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يترك شيئاً نافعاً، أو ضاراً في أمر الدين والدنيا إلا بينه وحث أمته عليه أو حذرهم منه، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزغ عنها إلا هالك)) (?). وقال سبحانه وتعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا [المائدة: 3] , كما أنه لا يجوز شرعاً أن تشرع عبادات خاصة حتى بأيام أذن الله تعظيمها إلا ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أن تخص ليلة الجمعة بقيام, أو يومها بصيام)).

ولأن تخصيص الأماكن والأيام والاجتماعات بذلك في كل عام أو نحوه من اتخاذها عيداً, والرسول صلى الله عليه وسلم نص على أن للمسلمين عيدين الفطر والأضحى، مما يدل على أنه لا عيد غيرهما، فمن اعتاد شيئاً في وقت معين يعظمه بالاجتماع، أو مكان معين، فقد اتخذه عيداً، وشرع ما لم يشرع الله.

كما أنه تحرم موافقة أصحاب الملل الأخرى في أماكن عبادتهم, أو أيامها, أو اجتماعاتها؛ لأن في ذلك تشبهاً بهم. ومن تشبه بقوم فهو منهم، ومن هنا لما جاء الرجل يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مكان نذر الذبح فيه، سأله هل هو مكان لوثن من أوثان الجاهلية أو عيد من أعيادهم؟ فلما بين له الرجل أنه ليس كذلك أذن له، مما يدل على أنه إذا كان مكاناً لعباداتهم أو اجتماعاتهم فيحرم على المسلم موافقتهم فيه، كما أنه صلى الله عليه وسلم شرع صوم التاسع من محرم مع العاشر لما في تخصيصه من شبهة الموافقة لليهود. المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية لإبراهيم بن محمد البريكان– ص: 180

طور بواسطة نورين ميديا © 2015