التقديس: هو التعظيم، ويستعمل عرفاً: فيما جاوز الحد المشروع.
والأشياء: جمع شيء، والمراد به الأماكن, والأزمان, والاجتماعات.
وغاية التعظيم وكماله لا يكون إلا لله وحده لا شريك له، لما له من صفات العظمة ونعوت الجلال والكمال، فأسماؤه حسنى كما قال سبحانه: وَلِلّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الأعراف: 180] وأفعاله كلها حكمة كما وصف نفسه فقال: فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ [البروج: 16] وشرعه كله عدل كما قال جل شأنه: وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة: 50] ونعمه سابغة على عباده قال تعالى: وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا [إبراهيم: 34] فهو المستحق وحده لأعظم التقديس وتمامه، فهو المحمود على كل شيء لذاته، وأما غيره سبحانه فإنما يستحق من التعظيم بحسب ما له من مكانة عند الله، وبالطريقة التي شرعها الله لتعظيمه. وكل تعظيم خرج عن ذلك فهو تعظيم محرم لا يأذن به الله.
وبناء على ذلك فإن تعظيم الأشخاص لا يكون إلا بمقدار موافقتهم لشرعه فيستحقون بذلك موالاة المؤمنين ومحبتهم واحترامهم هذا، والتعظيم بناء على ذلك على قسمين:
1 - تعظيم أذن الله به، وهو ما كان في حدود المشروع.
2 - تعظيم لم يأذن الله به، وهو ما جاوز المشروع وهو المسمى بالتقديس.
وعليه فلا تقديس إلا لله وحده، وهو ما تقدم من غاية التعظيم كماله وتمامه وأعلاه. وبذا لا يكون صالحاً لسواه, ولا يوصف به أحد إلا إياه.
ومن الأماكن, والأزمان, والاجتماعات ما جاءت الشريعة بتعظيمه, ورفعة مكانه ومكانته، وذلك بما شرعه الله فيها من العبادة التي يحبها ويرضاها، فيختص التعظيم بها دون سواها، وذلك كالكعبة المشرفة التي شرع تعظيمها بالطواف حولها عبادة لله، وبين الصفا والمروة التي شرع السعي بينهما عبادة لله، وعرفة التي شرع الله الوقوف فيه في يوم التاسع من ذي الحجة عبادة لله، والمسجد النبوي الذي شرع الله تعظيمه بعبادة الله فيه وزيادة الأجر لمن فعلها فيه، والمسجد الأقصى الذي شرع الله تعظيمه بزيادة ثواب العبادة فيه، ونحو ذلك.
وهكذا فقد عظم الله أمر أيام الحج، وأيام التشريق، وشهر رمضان، والاثنين والخميس من كل أسبوع، والأمر نفسه في العيدين، والجمعة، والاجتماع لصلاة الخسوف, والكسوف, والاستسقاء، ونحو ذلك.
فتعظيمها بما عظمها الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم لا يتجاوز ذلك؛ لأنه عبادة لله، والعبادات توقيفية على معنى أن لا يزاد فيها ولا ينقص إلا بدليل من الكتاب والسنة.