وقد ذهب بعضهم إلى أن المراد من قوله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها (?) الجواز على الصراط لأنه ممدود على النار.

وروى ابن عساكر عن ابن عباس وابن مسعود وكعب الأحبار أنهم قالوا: الورود المرور على الصراط. وقيل الورود: الدخول.

وعن أبى سمية قال: اختلفنا فى الورود، فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن، وقال بعضنا: يدخلونها جميعا، ثم ينجى الله الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبد الله، فقلت له: اختلفنا فى الورود فقال: يردونها جميعا، فقلت له: إنا اختلفنا فى ذلك، فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن، وقال بعضنا:

يدخلونها جميعا، فأهوى بأصبعيه إلى أذنيه وقال: صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: «الورود الدخول، لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم، حتى إن للنار- أو قال: لجهنم- ضجيجا من بردهم، ثم ينجى الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيّا» . رواه أحمد والبيهقى بإسناد حسن.

وأخرج ابن الجوزى- كما ذكره القرطبى فى التذكرة- رفعه: الزالون عن الصراط كثير، وأكثر من يزل عنه النساء، قال: وإذا صار الناس على طرفى الصراط نادى ملك من تحت العرش: يا فطرة الملك الجبار جوزوا على الصراط وليقف كل عاص منكم وظالم. فيا لها من ساعة ما أعظم خوفها، وأشد حرها، يتقدم فيها من كان فى الدنيا ضعيفا مهينا، ويتأخر عنها من كان فيها عظيما مكينا، ثم يؤذن لجميعهم بعد ذلك فى الجواز على الصراط على قدر أعمالهم، فإذا عصف الصراط بأمة محمد- صلى الله عليه وسلم- نادوا: وامحمداه وا محمداه، فبادر- صلى الله عليه وسلم- من شدة إشفاقه عليهم، وجبريل آخذ بحجزته، فينادى- صلى الله عليه وسلم- رافعا صوته: رب أمتى أمتى، لا أسلك اليوم نفسى ولا فاطمة ابنتى، والملائكة قيام عن يمين الصراط ويساره ينادون رب سلم. وقد عظمت الأهوال واشتدت الأوجال، والعصاة يتساقطون عن اليمين والشمال، والزبانية يتلقونهم بالسلاسل والأغلال، وينادونهم: أما نهيتم عن كسب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015