الموافقات (صفحة 2530)

عَلَيْهَا تَحْتَ نَظَرِهِ وَقَهْرِهِ، فَهُوَ صَاحِبُ التَّمْكِينِ وَالرُّسُوخِ، فَهُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الِانْتِصَابَ لِلِاجْتِهَادِ، وَالتَّعَرُّضَ لِلِاسْتِنْبَاطِ، وَكَثِيرًا مَا يَخْتَلِطُ أَهْلُ الرُّتْبَةِ، الْوُسْطَى بِأَهْلِ هَذِهِ الرُّتْبَةِ، فَيَقَعُ النِّزَاعُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ عَدَمِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيُسَمَّى صَاحِبُ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ: الرَّبَّانِيَّ، وَالْحَكِيمَ، وَالرَّاسِخَ فِي الْعِلْمِ وَالْعَالِمَ، وَالْفَقِيهَ، وَالْعَاقِلَ؛ لِأَنَّهُ يُرَبَّى بِصِغَارِ الْعِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ، وَيُوُفِّي كُلَّ أَحَدٍ حَقَّهُ حَسْبَمَا يَلِيقُ بِهِ، وَقَدْ تَحَقَّقَ بِالْعِلْمِ وَصَارَ لَهُ كَالْوَصْفِ الْمَجْبُولِ عَلَيْهِ، وَفَهِمَ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ [مِنْ شَرِيعَتِهِ] .

وَمِنْ خَاصِّيَتِهِ1 أَمْرَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُجِيبُ السَّائِلَ عَلَى مَا يَلِيقُ [بِهِ] 2 فِي حَالَتِهِ عَلَى الْخُصُوصِ إِنْ كَانَ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ حُكْمٌ خَاصٌّ، بِخِلَافِ صَاحِبِ الرُّتْبَةِ الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُجِيبُ مِنْ رَأْسِ الْكُلِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ بِخَاصٍّ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ نَاظِرٌ فِي الْمَآلَاتِ قَبْلَ الْجَوَابِ عَنِ السُّؤَالَاتِ، وَصَاحِبُ الثَّانِيَةِ لَا يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يُبَالِي بِالْمَآلِ إِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَمْرٌ أَوْ نَهْيٌ أَوْ غَيْرُهُمَا، وَكَانَ فِي مَسَاقِهِ كُلِّيًّا، وَلِهَذَا الْمَوْضِعِ أَمْثِلَةٌ كثيرة تقدم منها جملة من مَسْأَلَةِ الِاسْتِحْسَانِ وَمَسْأَلَةِ اعْتِبَارِ الْمَآلِ، وَفِي مَذْهَبِ مالك من ذلك كثير3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015