فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ اعْتَمَدَ1 فِي فُتْيَاهُ عَلَى كُلِّيَّةِ مَا اسْتَفَادَ مِنْ حَدِيثِهِ، وَلَمْ يَرَ غَيْرَهُ مِنَ الْجُزْئِيَّاتِ مُعَارِضًا، فاطرح الاعتماد عليه، والله أعلم.
و [الحال] الثَّالِثُ: أَنْ يَخُوضَ فِيمَا خَاضَ فِيهِ الطَّرَفَانِ وَيَتَحَقَّقُ بِالْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةِ مُنَزَّلَةً عَلَى الْخُصُوصِيَّاتِ الْفَرْعِيَّةِ، بِحَيْثُ لَا يَصُدُّهُ التَّبَحُّرُ فِي الِاسْتِبْصَارِ بِطَرَفٍ عَنِ التَّبَحُّرِ فِي الِاسْتِبْصَارِ بِالطَّرَفِ الْآخَرِ، فَلَا هُوَ يَجْرِي عَلَى عُمُومٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دُونَ2 أَنْ يَعْرِضَهُ عَلَى الْآخَرِ، ثُمَّ يَلْتَفِتُ مَعَ ذَلِكَ إِلَى تَنَزُّلِ3 مَا تَلَخَّصَ لَهُ عَلَى مَا يَلِيقُ فِي أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ رَاجِعٌ إِلَى الرُّتْبَةِ الَّتِي تَرْقَى مِنْهَا، لَكِنْ بِعِلْمِ الْمَقْصُودِ الشَّرْعِيِّ فِي كُلِّ جُزْئِيٍّ فِيهَا عُمُومًا وَخُصُوصًا.
وَهَذِهِ الرُّتْبَةُ لَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ الِاجْتِهَادِ مِنْ صَاحِبِهَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ فِيهَا، حَاكِمٌ لَهَا، غَيْرُ مَقْهُورٍ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا، فَإِنَّ صَاحِبَهَا مَحْكُومٌ عَلَيْهِ فِيهَا، وَلِذَلِكَ قَدْ تَسْتَفِزُّهُ مَعَانِيهَا4 الْكُلِّيَّةُ عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَى الْخُصُوصِيَّاتِ، وَكُلُّ رُتْبَةٍ حَكَمَتْ عَلَى صَاحِبِهَا دَلَّتْ عَلَى عَدَمِ رُسُوخِهِ فِيهَا، وَإِنْ كانت محكومًا