الموافقات (صفحة 1377)

أَنْ يَفْعَلَ الْخَيْرَ لِيَصِلَ بِهِ إِلَى الْخَيْرِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قُلْتَ لَا؛ كَانَ عَلَى خِلَافِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، وَإِنْ قُلْتَ نَعَمْ؛ خَالَفْتَ مَا أَصَّلْتَ.

فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا نَمَطٌ آخَرُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي يَصُدُّهُ مَثَلًا عَنِ الْخَيْرِ الْفُلَانِيِّ عَمَلُ شَرٍّ، فَيَتْرُكُ الشَّرَّ لِيَصِلَ إِلَى ذَلِكَ الْخَيْرِ الَّذِي يُثَابُ عَلَيْهِ، أَوْ يَكُونُ فِعْلُ الْخَيْرِ يُوَصِّلُهُ إِلَى خَيْرٍ آخَرَ كَذَلِكَ؛ فَهَذَا عَوْنٌ بِالطَّاعَةِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَلَا إِشْكَالَ فِيهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [الْبَقَرَةِ: 45] .

وَقَالَ: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} الآية [المائدة: 2] .

وَمَسْأَلَةُ الْحِفْظِ مِنْ هَذَا، وَأَمَّا مَا وَقَعَ الْكَلَامُ فِيهِ؛ فَحَاصِلُهُ طَلَبُ حَظٍّ شَهْوَانِيٍّ يَطْلُبُهُ بِالطَّاعَةِ، وَمَا أَقْرَبَ هَذَا أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ فِيهِ غَيْرَ مُخْلَصٍ.

فَالْحَاصِلُ1 لِمَنِ اعْتَبَرَ أَنَّ مَا كَانَ مِنَ التَّوَابِعِ مُقَوِّيًا وَمُعِينًا عَلَى أَصْلِ الْعِبَادَةِ وَغَيْرَ قَادِحٍ فِي الْإِخْلَاصِ؛ فَهُوَ الْمَقْصُودُ التَّبَعِيُّ السَّائِغُ، وَمَا لَا؛ فَلَا، وَأَنَّ الْمَقَاصِدَ التَّابِعَةَ لِلْمَقَاصِدِ الْأَصْلِيَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا:

مَا يَقْتَضِي تَأْكِيدَ الْمَقَاصِدِ الْأَصْلِيَّةِ، وَرَبْطَهَا، والوثوق بها، وحصول الرغبة فيها؛ فلا إشكال2 أَنَّهُ مَقْصُودٌ لِلشَّارِعِ؛ فَالْقَصْدُ إِلَى التَّسَبُّبِ إِلَيْهِ بِالسَّبَبِ الْمَشْرُوعِ مُوَافِقٌ لِقَصْدِ الشَّارِعِ فَيَصِحُّ.

وَالثَّانِي 3:

مَا يَقْتَضِي زَوَالُهَا عَيْنًا؛ [فَلَا إِشْكَالَ أَيْضًا فِي أَنَّ الْقَصْدَ إِلَيْهَا مُخَالِفٌ لِمَقْصِدِ الشَّارِعِ عينًا] 4؛ فلا يصح التسبب بإطلاق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015