عِبَادَهُ لِيَنْظُرَ كَيْفَ يَعْمَلُونَ1، فَإِذَا وَازَنَ الْإِنْسَانُ بَيْنَ مَصْلَحَةِ حُصُولِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَبَيْنَ مَفْسَدَةِ مَا يَعْتَرِضُ2 صَاحِبَهَا كَانَتْ جِهَةُ الْعَوَارِضِ أَرْجَحَ؛ فَيَصِيرُ طَلَبُهَا مَرْجُوحًا، وَلِذَلِكَ لَمْ يَخْلُدْ إِلَى طَلَبِهَا الْمُحَقِّقُونَ3 مِنَ الصُّوفِيَّةِ، وَلَا رَضُوا بِأَنْ تَكُونَ عِبَادَتُهُمْ يُدَاخِلُهَا أَمْرٌ، حَتَّى بَالَغَ بَعْضُهُمْ؛ فَقَالَ فِي طَلَبِ الثَّوَابِ4 مَا تَقَدَّمَ، وَأَشَدُّ الْعَوَارِضِ طَلَبُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِالْعِبَادَةِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالذِّكْرِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَقْتَضِي وَضْعُهَا5 الْإِخْلَاصَ التَّامَّ فَلَا يَلِيقُ بِهِ طَلَبُ الْحُظُوظِ، فَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ بِالرُّوحَانِيَّاتِ؛ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِهَا، وَهَذَا لَا يُوجَدُ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى مَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ جِنْسِهِ؛ فَسَارَ كَالْمُسَافِرِ لِيَرَى الْبِلَادَ النَّائِيَةَ، وَالْعَجَائِبَ الْمَبْثُوثَةَ فِي الْأَرْضِ، لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذَا مُجَرَّدُ حَظٍّ لَا عِبَادَةَ فِيهِ، وَمَقْصُودُ الْأَمْرِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَكُونُ عَاضِدًا لِمَا وُضِعَتْ لَهُ الْعِبَادَةُ فِي الْأَصْلِ، مِنَ التَّحَقُّقِ بِمَحْضِ الْعُبُودِيَّةِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ سُئِلَ بَعْضُ السَّلَفِ عَنْ دَوَاءِ الْحِفْظِ؛ فَقَالَ: تَرْكُ الْمَعَاصِي، وَمِنْ مَشْهُورِ الْقَوَاعِدِ أَنَّ الطَّاعَةَ تُعِينُ عَلَى الطَّاعَةِ، وَأَنَّ الْخَيْرَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْخَيْرِ؛ كَمَا فِي الْحَدِيثِ6، كَمَا أَنَّ الشَّرَّ لَا يَأْتِي إِلَّا بِالشَّرِّ؛ فهل للإنسان